الاخوان........تحت المجهر؟؟؟
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الاخوان........تحت المجهر؟؟؟
كثر الحديث عن الاخوان
المسلمين ؛هذه الجماعه المحظوره من قبل الانظمه السابقه؛وعلى مدار عشرات السنوات من عام 1928 وحتى 25 يناير 2011 وينهال عليها القريب والبعيد بالاتهامات ؛
بعد ان عادت البسمه الى الوجوه المصريه وانقشع الظلم وزهق الباطل ؛وجدنا ان يكون لزام علينا توضيح الامور وفك اللبس ؛ذلك لمن اراد ان يحكم عقله او يستفتى قلبه ؛فيتعرف عن قرب الى مؤسس الجماعه واعضائها الاوائل وروادها ؛ومن ثم الى المنهج الاصلى لها ؛ثم الى التصورات المقترحه على الساحه حاليا من قبل الجماعه لما فيه الخير للاسلام والمسلمين ؛....
اسرد لكم بعون الله مستقبلا انتقاداتكم بصدر رحب كل افكار الجماعه دون خشيه او حرج ؛وذلك على حلقات منفرده......
الحلقه الاولى
الامام الشهيد حسن البنا
ولد حسن البنا في المحمودية بمصر عام 1906م، لأسرة بسيطة فقد كان والده يعمل مأذونا وساعاتي، ويبدو أن مقومات الزعامة والقيادة كانت متوفرة لديه، ففي مدرسة الرشاد الإعدادية كان متميزًا بين زملائه، ومرشحًا لمناصب القيادة بينهم، حتى أنه عندما تألفت "جمعية الأخلاق الأدبية" وقع اختيار زملائه عليه ليكون رئيسًا لمجلس إدارة هذه الجمعية.
غير أن تلك الجمعية المدرسية لم ترض فضول هذا الناشئ، وزملائه المتحمسين، فألفوا جمعية أخرى خارج نطاق مدرستهم، سموها "جمعية منع المحرمات" وكان نشاطها مستمدًا من اسمها، عاملاً على تحقيقه بكل الوسائل، وطريقتهم في ذلك هي إرسال الخطابات لكل من تصل إلى الجمعية أخبارهم بأنهم يرتكبون الآثام، أو لايحسنون أداء العبادات.
ثم تطورت الفكرة في رأسه بعد أن التحق بمدرسة المعلمين بدمنهور، فألف "الجمعية الحصافية الخيرية" التي زاولت عملها في حقلين مهمين هما:
* الأول: نشر الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة، ومقاومة المنكرات والمحرمات المنتشرة.
* الثاني: مقاومة الإرساليات التبشيرية التي اتخذت من مصر موطنًا، تبشر بالمسيحية في ظل التطبيب، وتعليم التطريز، وإيواء الطلبة
بعد انتهائه من الدراسة في مدرسة المعلمين، انتقل إلى القاهرة، وانتسب إلى مدرسة دار العلوم العليا، واشترك في جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية، وكانت الجمعية الوحيدة الموجودة بالقاهرة في ذلك الوقت، وكان يواظب على سماع محاضراتها، كما كان يتتبع المواعظ الدينية التي كان يلقيها في المساجد حينذاك نخبة من العلماء العاملين.
ومن الاساتذة الذين اخذ عنهم البنا وكان على علاقة طيبة بهم:والده الشيخ أحمد البنا والشيخ محمد زهران والشيخ أبوشوشه والشيخ عبد الوهاب الحصافي والشيخ موسى أبوقمر والشيخ أحمد بدير الشيخ محمد عبدالمطلب وغيرهم
ويبدو أن فكرة الإخوان قد تبلورت في رأسه أول ماتبلورت وهو طالب بدار العلوم، فقد كتب موضوعًا إنشائيًا كان عنوانه "ماهي آمالك في الحياة بعد أن تتخرج"، فقال فيه: إن أعظم آمالي بعد إتمام حياتي الدراسية أمل خاص، وأمل عام.
فالخاص: هو إسعاد أسرتي وقرابتي مااستطعت إلى ذلك سبيلاً.
والعام: هو أن أكون مرشدًا معلمًا أقضي سحابة النهار في تعليم الأبناء، وأقضي ليلي في تعليم الآباء أهداف دينهم، ومنابع سعادتهم تارة بالخطابة والمحاورة، وأخرى بالتأليف والكتابة، وثالثة بالتجول والسياحة
[عدل] أسرته
لحسن البنا أربعة أشقاء ذكور،
* عبد الرحمن البنا قيادي ومن الرعيل الأول للإخوان وكان عضو بمكتب الإرشاد
* ومن أشقائه جمال البنا،
* وأنجب حسن البنا ست بنات هن (وفاء، سناء، رجاء، صفاء، هالة، واستشهاد) توفيت صفاء في حياته وولدين أحمد سيف الإسلام ومحمد حسام الدين توفي في حياته.[3]
* والده أحمد عبد الرحمن البنا الساعاتي.
[عدل] تأسيس جماعة الإخوان المسلمون
حصل البنا على دبلوم دار العلوم العليا سنة 1927 وكان أول دفعته، وعُين معلمًا بمدرسة الإسماعيلية الابتدائية الأميرية.
وفي مارس من عام 1928 تعاهد مع ستة من الشباب علي تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في الإسماعيلية وهم حافظ عبد الحميد، أحمد الحصري، فؤاد إبراهيم، عبد الرحمن حسب الله، إسماعيل عز، وزكي المغربي.
وتجدر الإشارة أن الأحزاب المصرية قاومت فكر حسن البنا وحالت دون توسع رقعة الإخوان المسلمين السياسية ومن تلك الأحزاب، حزب الوفد (أكثر الأحزاب انتشارا في ذلك الوقت) والحزب السعدي. وكان البنا قد خاض الانتخابات أكثر من مرة بدائرة الدرب الأحمر بالقاهرة وكان بها المركز العام لجماعته، وكان يقطن بها بحي المغربلبن، لكنه لم يفز في أي مرة لاهو ولازملاؤه في أي دائرة بما فيهم أحمد السكري سكرتير الجماعة وكان مرشحا بالمحمودية موطن مولده
[عدل] اغتياله
أعلن النقراشي باشا (رئيس وزراء مصر في ذلك الوقت) في مساء الأربعاء 8 ديسمبر 1948م قراره بحل جماعة الإخوان المسلمين، ومصادرة أموالها واعتقال معظم أعضائها، وفى اليوم التالي بدأت حملة الاعتقالات والمصادرات. ولما همّ الأستاذ حسن البنا أن يركب سيارة وُضع فيها بعض المعتقلين اعترضه رجال الشرطة قائلين: لدينا أمر بعدم القبض على الشيخ البنا.
ثم صادَرت الحكومةُ سيارته الخاصّة، واعتقلت سائقه، وسحب سلاحه المُرخص به، وقبضت على شقيقيه الذين كانا يرافقانه في تحركاته، وقد كتب إلى المسؤولين يطلب إعادة سلاحه إليه، ويُطالب بحارس مسلح يدفع هو راتبه، وإذا لم يستجيبوا فإنه يُحَمّلهم مسئولية أيّ عدوان عليه.
في الساعة الثامنة من مساء السبت 12 فبراير 1949 م كان الأستاذ البنا يخرج من باب جمعية الشبان المسلمين ويرافقه رئيس الجمعية لوداعه ودقّ جرس الهاتف داخل الجمعية، فعاد رئيسها ليجيب الهاتف، فسمع إطلاق الرصاص، فخرج ليرى صديقه الأستاذ البنا وقد أصيب بطلقات تحت إبطه وهو يعدو خلف السيارة التي ركبها القاتل، ويأخذ رقمها وهو رقم "9979" والتي عرف فيما بعد أنها السيارة الرسمية للأميرالاي محمود عبد المجيد المدير العام للمباحث الجنائية بوزارة الداخلية كما هو ثابت في مفكرة النيابة العمومية عام 1952.
لم تكن الإصابة خطرة، بل بقي البنا بعدها متماسك القوى كامل الوعي، وقد أبلغ كل من شهدوا الحادث رقم السيارة، ثم نقل إلى مستشفى القصر العيني فخلع ملابسه بنفسه. لفظ البنا أنفاسه الأخيرة في الساعة الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل، أي بعد أربع ساعات ونصف من محاولة الاغتيال بسبب فقده للكثير من الدماء بعد أن منعت الحكومة دخول الأطباء أو معالجتهم للبنا مما أدى إلى وفاته، ولم يعلم والده وأهله بالحادث إلا بعد ساعتين أخريين، وأرادت الحكومة أن تظل الجثة في المستشفى حتى تخرج إلى الدفن مباشرة، ولكن ثورة والده جعلتها تتنازل فتسمح بحمل الجثة إلى البيت، مشترطة أن يتم الدفن في الساعة التاسعة صباحاً، وألا يقام عزاء!.
اعتقلت السلطة كل رجل حاول الاقتراب من بيت البنا قبل الدفن فخرجت الجنازة تحملها النساء، إذ لم يكن هناك رجل غير والده ومكرم عبيد باشا والذي لم تعتقله السلطه لكونه مسيحيا، وكانت تربطه علاقة صداقة بحسن البنا.
في الأيام الأولى من قيام ثورة 23 يوليو أعادت سلطات الثورة التحقيق في ملابسات مصرع حسن البنا وتم القبض على المتهمين باغتياله وتقديمهم أمام محكمة جنيات القاهرة حيث صدرت ضدهم "أحكام ثقيلة" في أغسطس 1954 حيث قال القاضي في حيثيات الحكم "إن قرار الاغتيال قد اتخذته الحكومة السعدية بهدف الانتقام لم يثبت تواطؤ القصر في ذلك لكن القاضي أشار إلى أن العملية تمت بمباركة البلاط الملكي، المتهم الأول أحمد حسين جاد الأشغال الشاقة المؤبدة المتهم السابع محمد محفوظ الأشغال الشاقة خمسة عشر عاما المتهم الثامن الأميرلاي محمود عبد المجيد الأشغال الشاقة خمسة عشر عاما البكباشي محمد الجزار سنة مع الشغل قضاها في الحبس الاحتياطي فأفرج عنه"[4]، إضافة لتعويض مادي كبير تمثل في دفع عشرة آلاف جنيه مصري كتعويض لأسرة البنا[5]، بعد حادثة المنشية في ديسمبر 1954 صدرت قرارات بCrying or Very sad عن كل المتهمين في قضية اغتيال حسن البنا، أُفْرِجَ عن القتلة بعد شهور قليلة قضوها داخل السجون[4].
وقد رثاه المجاهد المغربي عبد الكريم الخطابي وقال «يا ويح مصر والمصريين، مما سيأتيهم من قتل البنا، قتلوا وليًّا من أولياء الله، وإن لم يكن البنا وليًّا فليس لله ولي.[6]»
المسلمين ؛هذه الجماعه المحظوره من قبل الانظمه السابقه؛وعلى مدار عشرات السنوات من عام 1928 وحتى 25 يناير 2011 وينهال عليها القريب والبعيد بالاتهامات ؛
بعد ان عادت البسمه الى الوجوه المصريه وانقشع الظلم وزهق الباطل ؛وجدنا ان يكون لزام علينا توضيح الامور وفك اللبس ؛ذلك لمن اراد ان يحكم عقله او يستفتى قلبه ؛فيتعرف عن قرب الى مؤسس الجماعه واعضائها الاوائل وروادها ؛ومن ثم الى المنهج الاصلى لها ؛ثم الى التصورات المقترحه على الساحه حاليا من قبل الجماعه لما فيه الخير للاسلام والمسلمين ؛....
اسرد لكم بعون الله مستقبلا انتقاداتكم بصدر رحب كل افكار الجماعه دون خشيه او حرج ؛وذلك على حلقات منفرده......
الحلقه الاولى
الامام الشهيد حسن البنا
ولد حسن البنا في المحمودية بمصر عام 1906م، لأسرة بسيطة فقد كان والده يعمل مأذونا وساعاتي، ويبدو أن مقومات الزعامة والقيادة كانت متوفرة لديه، ففي مدرسة الرشاد الإعدادية كان متميزًا بين زملائه، ومرشحًا لمناصب القيادة بينهم، حتى أنه عندما تألفت "جمعية الأخلاق الأدبية" وقع اختيار زملائه عليه ليكون رئيسًا لمجلس إدارة هذه الجمعية.
غير أن تلك الجمعية المدرسية لم ترض فضول هذا الناشئ، وزملائه المتحمسين، فألفوا جمعية أخرى خارج نطاق مدرستهم، سموها "جمعية منع المحرمات" وكان نشاطها مستمدًا من اسمها، عاملاً على تحقيقه بكل الوسائل، وطريقتهم في ذلك هي إرسال الخطابات لكل من تصل إلى الجمعية أخبارهم بأنهم يرتكبون الآثام، أو لايحسنون أداء العبادات.
ثم تطورت الفكرة في رأسه بعد أن التحق بمدرسة المعلمين بدمنهور، فألف "الجمعية الحصافية الخيرية" التي زاولت عملها في حقلين مهمين هما:
* الأول: نشر الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة، ومقاومة المنكرات والمحرمات المنتشرة.
* الثاني: مقاومة الإرساليات التبشيرية التي اتخذت من مصر موطنًا، تبشر بالمسيحية في ظل التطبيب، وتعليم التطريز، وإيواء الطلبة
بعد انتهائه من الدراسة في مدرسة المعلمين، انتقل إلى القاهرة، وانتسب إلى مدرسة دار العلوم العليا، واشترك في جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية، وكانت الجمعية الوحيدة الموجودة بالقاهرة في ذلك الوقت، وكان يواظب على سماع محاضراتها، كما كان يتتبع المواعظ الدينية التي كان يلقيها في المساجد حينذاك نخبة من العلماء العاملين.
ومن الاساتذة الذين اخذ عنهم البنا وكان على علاقة طيبة بهم:والده الشيخ أحمد البنا والشيخ محمد زهران والشيخ أبوشوشه والشيخ عبد الوهاب الحصافي والشيخ موسى أبوقمر والشيخ أحمد بدير الشيخ محمد عبدالمطلب وغيرهم
ويبدو أن فكرة الإخوان قد تبلورت في رأسه أول ماتبلورت وهو طالب بدار العلوم، فقد كتب موضوعًا إنشائيًا كان عنوانه "ماهي آمالك في الحياة بعد أن تتخرج"، فقال فيه: إن أعظم آمالي بعد إتمام حياتي الدراسية أمل خاص، وأمل عام.
فالخاص: هو إسعاد أسرتي وقرابتي مااستطعت إلى ذلك سبيلاً.
والعام: هو أن أكون مرشدًا معلمًا أقضي سحابة النهار في تعليم الأبناء، وأقضي ليلي في تعليم الآباء أهداف دينهم، ومنابع سعادتهم تارة بالخطابة والمحاورة، وأخرى بالتأليف والكتابة، وثالثة بالتجول والسياحة
[عدل] أسرته
لحسن البنا أربعة أشقاء ذكور،
* عبد الرحمن البنا قيادي ومن الرعيل الأول للإخوان وكان عضو بمكتب الإرشاد
* ومن أشقائه جمال البنا،
* وأنجب حسن البنا ست بنات هن (وفاء، سناء، رجاء، صفاء، هالة، واستشهاد) توفيت صفاء في حياته وولدين أحمد سيف الإسلام ومحمد حسام الدين توفي في حياته.[3]
* والده أحمد عبد الرحمن البنا الساعاتي.
[عدل] تأسيس جماعة الإخوان المسلمون
حصل البنا على دبلوم دار العلوم العليا سنة 1927 وكان أول دفعته، وعُين معلمًا بمدرسة الإسماعيلية الابتدائية الأميرية.
وفي مارس من عام 1928 تعاهد مع ستة من الشباب علي تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في الإسماعيلية وهم حافظ عبد الحميد، أحمد الحصري، فؤاد إبراهيم، عبد الرحمن حسب الله، إسماعيل عز، وزكي المغربي.
وتجدر الإشارة أن الأحزاب المصرية قاومت فكر حسن البنا وحالت دون توسع رقعة الإخوان المسلمين السياسية ومن تلك الأحزاب، حزب الوفد (أكثر الأحزاب انتشارا في ذلك الوقت) والحزب السعدي. وكان البنا قد خاض الانتخابات أكثر من مرة بدائرة الدرب الأحمر بالقاهرة وكان بها المركز العام لجماعته، وكان يقطن بها بحي المغربلبن، لكنه لم يفز في أي مرة لاهو ولازملاؤه في أي دائرة بما فيهم أحمد السكري سكرتير الجماعة وكان مرشحا بالمحمودية موطن مولده
[عدل] اغتياله
أعلن النقراشي باشا (رئيس وزراء مصر في ذلك الوقت) في مساء الأربعاء 8 ديسمبر 1948م قراره بحل جماعة الإخوان المسلمين، ومصادرة أموالها واعتقال معظم أعضائها، وفى اليوم التالي بدأت حملة الاعتقالات والمصادرات. ولما همّ الأستاذ حسن البنا أن يركب سيارة وُضع فيها بعض المعتقلين اعترضه رجال الشرطة قائلين: لدينا أمر بعدم القبض على الشيخ البنا.
ثم صادَرت الحكومةُ سيارته الخاصّة، واعتقلت سائقه، وسحب سلاحه المُرخص به، وقبضت على شقيقيه الذين كانا يرافقانه في تحركاته، وقد كتب إلى المسؤولين يطلب إعادة سلاحه إليه، ويُطالب بحارس مسلح يدفع هو راتبه، وإذا لم يستجيبوا فإنه يُحَمّلهم مسئولية أيّ عدوان عليه.
في الساعة الثامنة من مساء السبت 12 فبراير 1949 م كان الأستاذ البنا يخرج من باب جمعية الشبان المسلمين ويرافقه رئيس الجمعية لوداعه ودقّ جرس الهاتف داخل الجمعية، فعاد رئيسها ليجيب الهاتف، فسمع إطلاق الرصاص، فخرج ليرى صديقه الأستاذ البنا وقد أصيب بطلقات تحت إبطه وهو يعدو خلف السيارة التي ركبها القاتل، ويأخذ رقمها وهو رقم "9979" والتي عرف فيما بعد أنها السيارة الرسمية للأميرالاي محمود عبد المجيد المدير العام للمباحث الجنائية بوزارة الداخلية كما هو ثابت في مفكرة النيابة العمومية عام 1952.
لم تكن الإصابة خطرة، بل بقي البنا بعدها متماسك القوى كامل الوعي، وقد أبلغ كل من شهدوا الحادث رقم السيارة، ثم نقل إلى مستشفى القصر العيني فخلع ملابسه بنفسه. لفظ البنا أنفاسه الأخيرة في الساعة الثانية عشرة والنصف بعد منتصف الليل، أي بعد أربع ساعات ونصف من محاولة الاغتيال بسبب فقده للكثير من الدماء بعد أن منعت الحكومة دخول الأطباء أو معالجتهم للبنا مما أدى إلى وفاته، ولم يعلم والده وأهله بالحادث إلا بعد ساعتين أخريين، وأرادت الحكومة أن تظل الجثة في المستشفى حتى تخرج إلى الدفن مباشرة، ولكن ثورة والده جعلتها تتنازل فتسمح بحمل الجثة إلى البيت، مشترطة أن يتم الدفن في الساعة التاسعة صباحاً، وألا يقام عزاء!.
اعتقلت السلطة كل رجل حاول الاقتراب من بيت البنا قبل الدفن فخرجت الجنازة تحملها النساء، إذ لم يكن هناك رجل غير والده ومكرم عبيد باشا والذي لم تعتقله السلطه لكونه مسيحيا، وكانت تربطه علاقة صداقة بحسن البنا.
في الأيام الأولى من قيام ثورة 23 يوليو أعادت سلطات الثورة التحقيق في ملابسات مصرع حسن البنا وتم القبض على المتهمين باغتياله وتقديمهم أمام محكمة جنيات القاهرة حيث صدرت ضدهم "أحكام ثقيلة" في أغسطس 1954 حيث قال القاضي في حيثيات الحكم "إن قرار الاغتيال قد اتخذته الحكومة السعدية بهدف الانتقام لم يثبت تواطؤ القصر في ذلك لكن القاضي أشار إلى أن العملية تمت بمباركة البلاط الملكي، المتهم الأول أحمد حسين جاد الأشغال الشاقة المؤبدة المتهم السابع محمد محفوظ الأشغال الشاقة خمسة عشر عاما المتهم الثامن الأميرلاي محمود عبد المجيد الأشغال الشاقة خمسة عشر عاما البكباشي محمد الجزار سنة مع الشغل قضاها في الحبس الاحتياطي فأفرج عنه"[4]، إضافة لتعويض مادي كبير تمثل في دفع عشرة آلاف جنيه مصري كتعويض لأسرة البنا[5]، بعد حادثة المنشية في ديسمبر 1954 صدرت قرارات بCrying or Very sad عن كل المتهمين في قضية اغتيال حسن البنا، أُفْرِجَ عن القتلة بعد شهور قليلة قضوها داخل السجون[4].
وقد رثاه المجاهد المغربي عبد الكريم الخطابي وقال «يا ويح مصر والمصريين، مما سيأتيهم من قتل البنا، قتلوا وليًّا من أولياء الله، وإن لم يكن البنا وليًّا فليس لله ولي.[6]»
احمد ماهر محمد- عدد المساهمات : 20
تاريخ التسجيل : 19/04/2011
رد: الاخوان........تحت المجهر؟؟؟
الحلقه الثانية
رأى بعض العلماء فى
الامام حسن البنا
شخصية الإمام البنا في رأي العلماء .....
1- فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي (شيخ الجامع الأزهر)
يقول فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي (شيخ الجامع الأزهر) في مقدمة لأول عدد من مجلة (المنار)، حين كلِّف الأستاذ البنا بإعادة إصدارها بعد وفاة مؤسسها العلاَّمة المجدِّد محمد رشيد رضا، قال فيها: "والآن قد علمت أنَّ الأستاذ حسن البنا يريد أن يبعث (المنار) ويعيد سيرتَها الأولى، فسرَّني هذا، فإن الأستاذ البنا رجل مسلم غيور على دينه، يفهم الوسط الذي يعيش فيه، ويعرف مواضع الداء في جسم الأمة الإسلامية، ويفقه أسرار الإسلام، وقد اتصل بالناس اتصالاً وثيقًا على اختلاف طبقاتهم وشغل نفسه بالإصلاح الديني والاجتماعي على الطريقة التي كان يرضاها سلف هذه الأمة".
2- فضيلة الشيخ حسنين خلوف (مفتي مصر الأسبق)
(الأئمة في مختلف العهود كانوا أعلام دين وسياسة)
"الشيخ حسن البنا (أنزله الله منازل الأبرار) من أعظم الشخصيات الإسلامية في هذا العصر، بل هو الزعيم الإسلامي الذي جاهد في الله حقَّ الجهاد، واتخَذ لدعوة الحق منهاجًا صالحًا، وسبيلاً واضحًا، واستمده من القرآن والسنة النبوية، ومن روح التشريع الإسلامي، وقام بتنفيذه بحكمة وسداد، وصبر وعزم، حتى انتشرت الدعوة الإسلامية في آفاق مصر وغيرها من بلاد الإسلام واستظلَّ برايتها خلقٌ كثير.
عرفته- رحمه الله- منذ سنين، وتوثَّقت الصداقة بيننا في اجتماعات هيئة وادي النيل العُليا لإنقاذ فلسطين الجريحة، وتحدَّثنا كثيرًا في حاضر المسلمين ومستقبل الإسلام، فكان قويَّ الأمل في مجدِ الإسلام وعزة المسلمين إذا اعتصموا بحبل القرآن المتين، واتبعوا هدْيَ النبوة الحكيم، وعالجوا مشاكلهم الاجتماعية والسياسية وغيرها بما شرعه الله في دينه القويم.
ففي الإسلام من المبادئ السامية، والتعاليم الحكيمة ما فيه، من شفاء لكل مرض، وعلاج لكل داء، وحل لكل مشكلة، وفيه من الأحكام ما لو نفِّذ، ومن الحدود والعقوبات ما لو أُقيم لسعد الناس في كل زمان ومكان بالاستقرار والاطمئنان، وعاد المسلمون إلى سيرتهم الأولى يوم كانوا أعزاء أقوياء.
تلك لمحةٌ من حديثه، وهي عقيدة كل مسلم، وأمل كل غيور على الإسلام، غير أن العلماء حبسوا هذا العلم الزاخر في الصدور، ولم يردِّدوه إلا في حلقات الدروس وفي زوايا الدور.
أما الشيخ حسن البنا- رحمه الله- فقد أخذ على نفسه عهدًا أن يرشد العامة إلى الحق، وينشر بين الناس هذه الدعوة، وينظِّم طرائقها ويعبِّد سبيلها، ويربِّي الناشئة تربيةً إسلاميةً تنزع من نفوسهم خواطر السوء، وتعرِّفهم بربهم وتدنيهم من دينهم الذي ارتضاه الله لهم، فكان له ما أراد، وتحمَّل في ذلك من المشاقِّ والمتاعب ما لا قِبَل باحتماله إلا الرجل الصبور والمؤمن الغيور، الذي يبغي رضاء ربه بما يعمل، ويشعر بدافع نفسي قوي إلى إنقاذ أمته من شر وبيل وذلٍّ مقيمٍ.
من الطبيعي- وهذه دعوته- أن يمس السياسة عن قرب، وأن يأخذ في علاج مختلف الشئون على ضوء التعاليم القرآنية، وهنا يقول الأستاذ بحق ما نقوله نحن ويقوله كل من درس الإسلام وأحاط خبرًا بالقرآن: إن الإسلام دين ودنيا، وسياسة ودولة، والمسلم الحق هو الذي يعمل للدين والدنيا معًا، فقد جاء القرآن بالعقائد الحقة، وبالأحكام الراشدة في العبادات والمعاملات ونُظُم الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وجاء بالأوامر والنواهي وما يصونها من العقوبات والزواجر، وألزم المسلمين كافة العمل بها، وإقامة الدولة على أساسها، فإذا دعا حسن البنا إلى ذلك فقد دعا إليه الله ورسوله، ودعا إليه الصحابة والتابعون وسائر الأئمة والفقهاء وزعماء الإسلام في كل زمان.
يعيب عليه البعض أنه توغَّل في السياسة، وقد نوَّهتُ بالردِّ على ذلك في عدة أحاديث أذعتُها في مناسبات شتى، فالسياسة الراشدة من صميم الدين، والصدارة فيها من حقِّ العلماء بل من واجبهم، الذي لا يدفعه عنهم أحد، وما أُصيب العلماء بالوهن والضعف وما استعلى عليهم الأدنون وتطاول عليهم الأرذلون إلا من يوم أن استكانوا لأولئك الذين يحاولون احتكار السياسة، ويستأثرون بالسلطان في الشعوب والأمم الإسلامية قضاء للُباناتهم واغتصابًا للحقوق.
وإذا صحَّ فصلُ الدين عن السياسة أو بعبارة أخرى الحجْر على علماء الدين في الاشتغال بسياسة الدولة- بالنسبة لسائر الأديان- فلا يصح بالنسبة للدين الإسلامي الحنيف، الذي امتاز على غيره بالتشريع الكفيل بسعادة الدين والدنيا معًا.
وقد كان الأئمة في مختلف عهود الإسلام أعلامَ دينٍ وسياسةٍ، فما بال الناس اليوم يُنكرون على علماء المسلمين أن يُعنوا بشئون الشعوب الإسلامية، ويغضبوا لكرامتها، ويجاهدوا لإعزازها، وتبصير الناس بما يموِّه به الاستعماريون من حيل، ويدبرون من فتن ويدسون من سموم.
وما الذي خوَّلهم حق احتكار الساسة والحكم؟! إنَّ من حقِّ العلماء- وأعني بهم القائمين بالدعوة إلى الله لا خصوص حملة الشهادات العلمية الرسمية- أن يمثَّلوا في كلِّ شئون الدولة، وخاصةً في السلطة التشريعية، حتى لا يشرع في الدولة الإسلامية ما ينافي أحكام الإسلام، وأن يكون للتشريع الإسلامي الذي لهم به اختصاصٌ واضحٌ الأثرُ الأولُ في التشريع والتنفيذ.
إنَّ الدعوةَ في جوهرها دعوةٌ واضحةُ المعالم، والقلوب الموفَّقة قد انعطفت إليها، والشعب قد آمَن بها، ومن إنكار الحقائق أن يزعم زاعم انصرافَ السوادِ الأعظم من الأمة عنها، وكلما أمضت السياسة في توهينها ازدادت قوةً وذيوعًا، وأيقن الناسُ بما فيها من خيرٍ وصلاحٍ ومن الإخلاص لولاة الأمور الصدقَ في القول والأمانةَ في الأداء، فليعلموا أن الدعوةَ عقيدةٌ استقرت في النفوس، وأن مقاومةَ السياسة لها ولدعاتها لا يزيدها إلا ثباتًا ورسوخًا، وإنَّ من الراسخ في العقائد أن اليهود- ومن ورائهم الدولة الغاصبة والدولة الاستعمارية- هم الذين يكيدون لها ويبذلون كلَّ ما في استطاعتهم لاستئصالها، ولكن هيهات ما يريدون!!
وبعد.. فإنا نسأل الله- تبارك وتعالى- للمسلمين خيرًا عميمًا، ورشدًا أمينًا، وتوفيقًا سديدًا لكل مَن يدعو إلى خير ورشاد، ورحمةً واسعةً للأستاذ العظيم". (مجلة الدعوة- 13 فبراير 1951م)
3- فضيلة الشيخ أحمد حسن الباقوري (وزير الأوقاف المصري الأسبق)
(الإنسانية هي الخاسرة)
"في مثل هذه الأيام منذ عامين مضيا أذن الله أن يلقى الأستاذ المرشد عصا التسيار من دنيا الناس وأن يتفيأ في الملأ الأعلى مكانًا قدسيًّا في ظلٍّ من رحمةِ الله ورضوانه فاطمانت نفس طالما أزعجها القلق واستراح جسد شد ما أرهقته الحركة والاضطراب.
كذلك أصور لنفسي موتته رحمه الله كلما استبدَّ بي الألم وساورني الجزع وأخذ الشعور بالفجيعة يغشيني بمثل لفح الهجير من قمة رأسي إلى أخمص قدمي فلا يكاد ذهني يستوعب هذه الصورة حتى أجد برد العزاء ينساب في نفسي كما ينساب الماء المثلوج في أحشاء الصديان يلهبها الظمأ ويسعر نارها الهيام.
وكذلك أرجو للمؤمنين أن يصوروا لأنفسهم هذه الصورة كلما وجدوا لوعة الذكرى تغلي في قلوبهم مراجلها وتستعر في أحشائهم نيرانها، وإنهم لواجدون بها عزاءً مستنيرًا ومستبصرًا قائمًا على تقديرٍ منطقي خاصٍّ لا على مجرَّد أنَّ الموت قدرٌ لا حيلةَ فيه ولا سبيلَ إلى دفعه على نحو ما يُقال لكل من ذاق الموت من هذه المخلوقات.
لم يخسر الأستاذ البنا بموتته تلك شيئًا- أي شيء- هكذا يقول كل أحد، أو هكذا يجب أن يقول كل أحد، سواء المؤمن الذي يسمو بمعنى الجزاء حتى يلتمسه عند الخالق في خوالد الجنات، والكافر الذي يسف بمعنى الجزاء حتى يلتمسه عند المخلوقين في خلود الذكر واعتبار التاريخ.
لقد عاش الأستاذ حسن البنا لغاية آمن به إيماناً شغله عن كل ما يشغل الناس سواه شغله عن أهله وعن ولده وعن نفسه فلو أنه سُئل عن كل ساعة أنفقها في تفكير محرق، أو رحلة جاهدة، أو كتيبة مؤرقة، أو صلاة خاشعة.. ولو أنه سُئل عن مقدار التضحية التي بذلها في سبيل إيمانه هذا لاستطاع أن يقول ضحيت بمالي، وبولدي وراحتي ولم أقصر حياة الشظف والخشونة على نفسى حتى جاوزتها إلى كل ما لهم صلة بي، ثم أخيرًا ضحيت بنفسي.
ولو أنه سُئل عن الغاية التي تحراها من كل هذا العناء العالي لاستطاع أن يقول بارًا صادقًا: "لم أرد عرض الحياة الدنيا، وإنما أردتُ الله وابتغيتُ ثوابه العظيم، ومثل ذلك حق على الله أن يرضيه حتى يرضى وأن يفتح له أبواب جنته يتبوأ منها حيث يشاء إن شاء الله.
ولقد عاش الأستاذ البنا في الناس حبيبًا إلى قلوبِ أوليائه، مهيبًا في نفوس أعدائه، وكانت الكلمة تنطلق من فمه لتملأ الأسماع والقلوب والعقول فيجد فيها الولي بسمة الأمل ونشر الغبطة، ويجد فيها العدو بلبلة الفكر وشوك المضجع، ومن حقه رحمه الله وهو بهذا المحل الرفيع في أمته الإسلامية جمعاء أن يتحرك التاريخ مزهوًا ليروي سيرته بين مَن يروي سيرهم، ممَن قامت دعائم عظمتهم على الإيمان والإنتاج لا على الدعاية والتهريج.
لم يخسر الأستاذ إذن شيئًا بميتته تلك.. وإنما خسرت الإنسانية نعم خسرت الإنسانية ولا أقول خسر الإسلام.. فإن الإنسانية تتعرض في هذه الظروف لأشد محنة تعرضت لها في تاريخها الطويل، وهي محنة المادية الثقيلة التي تريد أن تظفر بالمعاني الروحية، لتعود الإنسانية كلها بعد ذلك حيوانية تتحرك في دفع الشهوات كما تتحرك الآلات في دفع البخار، وقد كان حسن البنا لسان الروحانية المبين، وكان حجتها الواضحة ودليلها الهادي، وكان قوتها المليئة حيوية ونشاطًا.. ولا نحب أن نستمرئ أحضان اليأس حتى نقول: لقد كان الأستاذ كل شيء وبموته انهار كل شيء.. فإنَّ رحمه الله بالناس أرحب من هذا وأوسع، ولئن مضى حسن البنا إلى ربه، لقد كان فيمن ترك من أبنائه مجتمعين القوة التي تكفل لهذه الدعوة أن تهدي وأن تنقذ إن شاء الله.
إنَّ خيرَ ما يحيى به المؤمنون ذكرى الأستاذ المرشد هو أن يجتمعوا على الحق، وأن يعاهدوا الله في صدق وإخلاص أن يكونوا أصحاب رسالة وأعلام خير ودعاة أخوة ورسل إسلام وسلام".. (مجلة الدعوة- 13 فبراير1951م).
4- الشيخ: علي حسب الله- أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم
"في صيف سنة 1927م دخلت مكتبة دار العلوم فوجدتُ الداعية المخلص إلى الله في دعواه الشيخ: محمد عبد العزيز الخولي رحمه الله ومعه شاب ممن تخرجوا ذلك العام في دار العلوم، وما كاد الشيخ يرد التحية حتى قال: تعال أسرع إن صاحبك هذا "حسن البنا" عُيِّن مدرسًا ببلدكم الإسماعيلية وهو غير مستريحٍ لهذا التعيين، فتحدثتُ إليهما حديث المعتز ببلده، وذكرتُ للزميل الكريم ما في طباع أهل تلك البلد من التودد إلى الوافد عليهم، وأنه سيجد فيهم أهلاً بأهل، وإخوانًا بإخوان، وقد صادف هذا الكلام هوًى في نفس الشهيد رحمه الله، ظهرت آثاره بعد سفره.
جاء الفقيد الإسماعيلية عقب نزاعٍ ديني انقسم فيه المسلمون قسمين:
قسم متمسك بالقديم على علاته، وآخر عاملٌ لإصلاح عقائد الناس وتطهيرها من أدران البدع والخرافات، وظهر الخلاف في مسائل فرعية كان كل فريق يتمنى أن يسمع من الداعية الجديد ما يؤيد وجهةِ نظره فيها، ولكن حسن البنا كانت غايته أسمى وأعمق من أن يُثير خلافًا أو ينصر فريقًا على آخر، كانت غايته أن يُؤلِّف بين القلوب بالمحبة ويوجهها إلى الله، ويعدها للتضحية في سبيل الحق، ويرى أن هذا كفيلٌ برفع أسباب النزاع، فإنَّ النفوس الطاهرة والقلوب الخالصة في منعةٍ من وساوس الشيطان وعوامل الفرقة والخذلان.
وقد كان له ما أراد بالنية الصادقة والإخلاص إلى الله، وإذا كان قد تقدمه من المصلحين في العصر الحديث من كان عمله نظريًّا يبدأ من أعلى أو من الوسط فإن حسن البنا رأى أن يبدأ من الأساس الذي بدأ به النبيون دعواتهم، وهو إصلاح العامة والفقراء، فلم يعتمد في بادئ أمره على المال ولا على الأغنياء، ولهذا كان يفضل في دعوته أن يغزو المجالس الشعبية العامة كالمقاهي، وشهدت الإسماعيلية بجهوده انقلابًا هامًّا، فإن ذلك الشباب الذي أعماه الجهل وأضله الفساد الشائع بين الناس، والذي يئس العقلاء من إصلاحه، انقلب شبابًا متدينًا متحمسًا للدين معتزًّا به، وقد فهم لأول مرة وبطريقة عملية أن الدين ليس عبادة في المحراب فقط، بل هو مع هذا عمل متواصل قوي لجمع الشمل وتآزر القوى وإعزاز الأمة، وإحلالها المحل اللائق بها، ومن الرعيل الأول أُلفت الجماعة "الإخوان المسلمون" التي كان أول شعار لها ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ وأسمى غايتها ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ ثم نمت الشجرة وأينعت وآتت ولا تزال تُؤتي أكلها كل حين بإذن ربها فبارك الله فيها، ومتَّع غارسها برضوانه، وآنسه بالذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا". (مجلة الدعوة- عدد 105)
5- د. محمد يوسف موسى- الأستاذ بكلية أصول الدين
داعية أول
"لا بد لكل رسالةٍ ما من دعاة يقومون بها، ومن داعية أول يعيش لها وبها، ولعل أهم ما يميز الداعية الأول بعد ذلك، عمله على كشف الأكفاء لمعاونته في تحقيق رسالته، وعلى كسبهم أنصارًا له واستبقائهم دائمًا بجانبه.
وقد كان صديقنا المغفور له الأستاذ حسن البنا "داعية" دينيًّا واجتماعيًّا من الطراز الأول، قد جمع الله تعالى له كل ما يجب لنجاح الدعوة، ولعل من أهم ذلك ما لمسته فيه من بصرة النافذ بمَن يصلحون للقيام معه بدعوته، ثم عمله على ضمهم إليه بكل قلوبهم وعقولهم ومواهبهم، عرفتُ ذلك منه بخاصة، حين رغب إلي وآخرين معي في أن نكون رفقاء له في رحلةٍ من القاهرة إلى الإسكندرية ثم رشيد بعد الحرب الماضية.
وأملنا قوي في أن تزداد الدعوة، دعوة الإخوان المسلمين، كل يوم قلوبًا وعقولاً جديدة، ولا سيما في الأيام التي تنتظر الأمة منهم الكثير، وتدعوهم إلى التقدم بما يرون من خططٍ ودراساتٍ ومشروعاتٍ للإصلاح". (مجلة الدعوة- عدد 105).
6- د. عبد العظيم المطعني: الأستاذ
بجامعة الأزهر
حسن البنا ودعوة لن تموت
"لم يستطع الغرب أن يبتلع بلاد الشرق الإسلامي عن طريق الحروب الصليبية التي باءت بالفشل، ولم ينصرف الغرب عن التفكير في الشرق بعد فشل تلك الحروب، فحلت مساعي الاستعمار الحديث المسلحة محل تلك الحروب، وخرجت قوافل التبشير إلى ربوع آسيا ومجاهل أفريقيا يساندها تعصب حاقد على الإسلام والمسلمين، ووضعت الخطط السرية لصرف المسلمين عن دينهم ووضعت بإزائها الاعتمادات المالية السخية للإنفاق عليها حتى تبلغ مرادها، فأصبح الإسلام والمسلمون بين فكي كماشة: صراع عسكري يدك المعاقل ويحطم الحصون.. وصراع فكري ينتزع الإسلام من القلوب انتزاعًا أو يشوه صورته في نفوس بنيه؟!
وقد تعرَّض الشرق الإسلامي لأحداث عنيفة أطاحت بالكثير من معالم حضارته فحروب أو غزوات التتار والمغول التي انتهت بسقوط بغداد ثم الحروب الصليبية ثم تآمر دول أوروبا على دول الخلافة وإسدال الستار على سياسة الباب العالي "الرجل المريض" وتقسيم ميراثه بينهم، وتقسيم الأقطار الإسلامية إلى دويلات كل هذه أحداث حركت المشاعر وأيقظت الهمم في كل مكان، وقد انضم إليها سبب مشابه داخل الأقطار الإسلامية نفسها، وهو تخلف المسلمين وبُعدهم عن دينهم وتفككهم في وقتٍ كان ينبغي أن يكونوا على مستوى الأحداث المحيطة بهم لمقاومتها ورأب ما أحدثته وتحدثه من صدوع؟!
وكان من رد الفعل أن ظهرت حركات الإصلاح في مواقع متعددة من البلاد الإسلامية، قامت حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب المعروفة بالحركة الوهابية، وكانت ثورةً على البدع المستحدثة في الدين ومحاولة لتنقية الدين مما علق به من شوائب، وكان مسرحها شبه الجزيرة العربية وقامت الثورة المهدية في جنوب وادي النيل، وكانت تهدف إلى الإصلاح السياسي والاجتماعي في إطار التوجيهات الدينية التي حاول الاستعمار طمسها وتشويهها.
وفي شمال غرب أفريقيا قامت الحركة "السنوسية" لكنها كانت ترتكز على التربية الروحية والنزعة الصوفية أكثر من اهتمامها بمشكلات الحياة.
وقام الشيخ جمال الدين الأفغاني بدعوته المعروفة حول إنشاء الجامعة الإسلامية، ولكن مطلبه كان عزيز المنال؛ لأنه مطلب سياسي يقل من يستجيب له من السادة الكبار.
والتف حول هؤلاء تلاميذ لهم اتجهوا إلى المنهج الأكاديمي في الدعوة، وظلت قطاعات الشباب في كل مكان تنتظر مَن ينفث فيها روح القوة، ويلمس بتوجيهه شغاف قلوبهم، وقد ادخرت العناية الإلهية لهذه المهمة الجليلة الإمام الشيخ حسن البنا الذي أصبح شعلة لم تنطفئ رغم محاولات الحاقدين من عملاء الاستعمار وأعداء الإسلام محليين ومستوردين.
شاب يدعو الشباب إلى الإسلام:
بدأ الإمام الشهيد دعوة الشباب إلى التمسك بالدين في وقتٍ مبكرٍ من عمره إذ كان في الثانية والعشرين منه بعد تخرجه في دار العلوم بعام واحد، وشاب في هذه السن المبكرة يضطلع بهذه المهمة الجليلة، فهو شاب نشأ في طاعة ربه وعبادته ولم تعرف حياته "الباكرة" لهو الشباب وعبثهم، وإلا بدأ دعوته في مرحلة متأخرة قطعًا.
اتجه الإمام الشهيد- إذن- إلى إصلاح عقيدة الشباب وفكره فأنشأ أول دار للإخوان المسلمين بالإسماعيلية فكانت القطرة التي انهمر منها الغيث وعم القمم والسهول، وباشر دعوته بعقل ناضج وأسلوب واضح.
منذ عام 1928م، كانت دعوته من أول عهدها شعبية فيمم الشباب وجوههم شطرها، وسرعان ما خرجت من مدينة الإسماعيلية إلى كل أنحاء العالم ثم انتقلت إلى الأقطار الإسلامية والعربية في سرعة البرق ورقة النسيم.
وقد وهب الله الإمام الشهيد البيان الواضح والأسلوب الحكيم إلى ما عمرت به شخصيته من أدب النفس واستقامة السلوك وفقهه بمقاصد الإسلام، وحفظه للقرآن الكريم والوقوف على أسراره ومعانيه، وروايته للحديث، وإلمامه بعبر التاريخ وفهمه لسيرة أصحاب الرسول- صلى الله عليه وسلم-، ومعرفته بمواطن الضعف في الأمة، وبهذا قد استكمل الإمام الشهيد كل مقومات الداعية المؤثر، والمصلح المطاع كان يعرف إلام يدعو؟ وكيف يدعو؟ ومن يدعو؟ ومتى يدعو؟ بقلب شجاع وسلوك طيب، ولسان فصيح، وحجة ساطعة، فلا غرابةَ أن يلتفت الشباب كله في عزمٍ وثباتٍ حول ذلك المصلح المخلص إلام كان يدعو الإمام الشهيد؟
كان الإمام متبعًا وليس مبتدعًا، والاتباع هو منهج كل مصلح صادق، أما الابتداع فإنه مسلك كل دجال كاذب، كان الإمام متبعًا ولأنه اتخذ من التمسك بالدين طريقًا للإصلاح، وفي هذا يقول "دعوتنا إسلامية بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ فافهم ما شئت، وأنت في فهمك هذا مقيد بكتاب الله وسنة رسوله، وسيرة السلف الصالحين من المسلمين، فأما كتاب الله فهو أساس الإسلام ودعامته، وأما سنة رسوله فهي مبينة الكتاب وشارحته، وأما سيرة السلف الصالح فهم رضوان الله عليهم منفذو أوامره، وهم الصورة الماثلة والعملية لهذه الأوامر والتعاليم، وكان هدف الإمام من تلك الدعوة أن يُعيد الشباب المسلم إلى الإسلام الصحيح بجلاء مفاهيمه، وإيضاح مراميه، فالإسلام منهج حياة بكل ما تتسع له كلمة "الحياة" من معانٍ فهو عقيدة وشريعة، ودنيا وآخرة، بيان وفكر وجهاد ونضال قد وسَّع النشاط البشري كله، لكل مسألةٍ فيه حكم وتوجيه، ولكل مشكلةٍ حل، هو مع المسلم أينما حلَّ في صحوه ونومه، في معلمه ومصنعه، وفي محرابه ومصلاه، في أكله وشربه، هو معه في كل شئونه، وكل محاولة للإصلاح لم تتخذ من إسلام زادها وعدتها باءت بالفشل، ولا سبيلَ لإصلاح شئوننا إلا بالعودة للإسلام"، ولهذا فإنه يطالب بالخطوات الآتية:
1- إصلاح القوانين: وهذا يكون بموافقة القوانين لأصول الفقه الإسلامي.
2- إصلاح مظاهر الاجتماع: وهذا يكون بموافقة السلوك لمبادئ الدين الحنيف.
3- محاربة الإباحية: وهي تتحقق بقمع الشهوات والتحلي بالفضائل.
4- تنظيم التعليم: بحيث يهدف التعليم إلى حماية العقيدة واستقامة الخلق.
5- المؤاخاة بين المسلمين: بحيث يكون المسلمون رجلاً واحدًا وقلبًا واحدًا ويدًا واحدةً، وكونوا عباد الله إخوانًا.
قيمة هذه الدعوة
جاءت دعوة الأستاد الإمام رد فعل هام للأحداث الخطيرة التي تجمعت آثارها في مطلع العشرين، فقد نشطت الأصوات التي كانت تنادي بترك الحجاب وتدعو إلى سفور المرأة، ونشطت الأقلام التي كانت تدعو إلى القضاء على اللغة العربية الفصحى لتحل العامية محلها، بل وتطالب بأن تكون الكتابة بالحروف اللاتينية لتحل محل الحروف العربية، وأخذ مَن يسمون أنفسهم "أنصار المرأة" ينادون بالاختلاط بين الرجال والنساء في كل مكانٍ بحجة تحرير المرأة كما فعلت المرأة الأوروبية وتعرضت مبادئ الإسلام نفسه للإهمال فترك العمل بكتاب الله وشريعته في الحكم ودور القضاء والنيابة، وحلَّت محلها القوانين الوضعية، وصار الربا مصدرًا من مصادر الكسب لدى الجماعات والأفراد، ونشط عملاء الاستعمار في توجيه الطعنات للإسلام في الصميم، فقبيل قيام الأستاذ الإمام بدعوته الشجاعة بعامين أصدر الدكتور طه حسين كتابه "في الشعر الجاهلي"، وقد طعن في صدق القرآن الكريم، وقال إنَّ وُرود قصة إبراهيم وإسماعيل في القرآن ليس بدليلٍ كافٍ على وجودهما التاريخي، كما شبَّه القرآن بقصائد أمية ابن أبي الصلت الشاعر الجاهلي وبرئ الدكتور طه حسين في مقدمةِ كتابه ذلك من دينه وعقيدته، وأخذ يُدرِّس تلك السموم التي احتوى عليها كتابه للشباب في الجامعة المصرية الناشئة.
هذه النزعات الخطيرة لو لم تقم في وجهها دعوةٌ صلبةٌ تؤمن بالحقِّ وتذود عنه، وقد تمثلت تلك الدعوة في جهود الإمام الشهيد لانتزعت الإيمان من قلوبِ الناس انتزاعًا وخاصةً الشباب، ومن هنا تكتسب دعوة الإمام البنا قيمتها.
ولم يأبه أنصارها مما أصابهم في سبيلها من أذى، والتاريخ على هذا خير شاهد، قيام بالحق، وذود عن الدين وحراسة لقيمه في إباء وشمم، وما زالت دعوته تؤتي ثمارها- ولا تزال حتى ينصر الله حزبه وجنده وجند الله هم الغالبون.
سر بقائها واستمرارها:
تجاوزت دعوة الإمام البنا الخمسين عامًا تعمل بجدٍّ وإخلاصٍ لنصرةِ الإسلام عقيدةً وشريعة، وهي قوة وصلابة لم يلحقها تغيير ولا تبديل في مبادئها الأصيلة التي عُرفت بها من إنشائها، ولم يزهد أنصارها فيها أنهم تعرضوا لضربات غاشمة ثلاث كرات استشهادًا واعتقالاً وسجنًا واضطهادًا وتعذيبًا ورميًا لهم بالإرهاب والوحشية، بل إنهم كانوا يخرجون من كل محنةٍ وهم أصلب عودًا وأثبت قدمًا، حتى أصبحت حركة الإخوان أكبر حركة إسلامية في العصر الحديث وأبقي أثرًا فهل لذلك ولهذا السبب؟ نعم:
أما ثباتها واستمرارها فلأنها دعوة قامت على الحقِّ والحق ثابت لا يتغير، فمبادئ الإسلام هي هي منذ أقرها عليه الصلاة والسلام، وكل دعوة تعتمد على مبادئ الإسلام لا ينالها تغييرٌ ولا تبديل، أما النظم الأخرى عُرضة للخطأ، ولهذا فإنَّ الخمسين عامًا هذه قد تبدَّلت فيها أحوالٌ وتغيرت.. فكم من المذاهب قامت ثم سقطت وحلَّت محلها اتجاهات أخرى مرات ومرات في كلِّ بلدٍ من بلدان العالم المعاصر، بل إنَّ مصر نفسها- موطن الدعوة قد مرَّت بكثيرٍ من التجارب الفكرية والسياسية خلال هذه المدة، ويقرر اليوم منهج ثم يأتي الغد فيلغي ويبحث عن بديل له، بل إنَّ عهد الثورة المصرية الأخيرة قد عرف حتى اليوم اتجاهات عدة وما زلنا نرى سلوكًا يحل محل سلوك، نستقبل الجديد بالثناء والأمل ونودع القديم بالذم ونرميه بالقصور.
وأما التفاف الشباب حولها في عزمٍ وثبات فيفسره لنا العلامة ابن خلدون في مقدمته؛ حيث يقول إن العرب لا يجتمعون إلا حول قيادة دينية ولا ينتصرون إلا بقيادةٍ دينية، وقد صدق التاريخ هذه القاعدة فقبائل العرب المتفرقة المتناحرة صنع منها الإسلام بقيادة محمد- صلى الله عليه وسلم- خير أمة أخرجت للناس دكت عروش كسرى فارس وقيصر الروم وملأت الأرض عدلاً ونورًا، وصلاح الدين الأيوبي حينما تمسك بالإسلام وحَّد صفوف العرب والمسلمين جميعًا، فكانت كل المنابر في العالم الإسلامي تدعو له مخلصةً بالنصر، ويؤمن المصلون في صوتٍ هادر قائلين آمين.
ذلك هو الطريق فهل نحن سالكوه؟.. ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ﴾ "صدق الله العظيم".
رأى بعض العلماء فى
الامام حسن البنا
شخصية الإمام البنا في رأي العلماء .....
1- فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي (شيخ الجامع الأزهر)
يقول فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي (شيخ الجامع الأزهر) في مقدمة لأول عدد من مجلة (المنار)، حين كلِّف الأستاذ البنا بإعادة إصدارها بعد وفاة مؤسسها العلاَّمة المجدِّد محمد رشيد رضا، قال فيها: "والآن قد علمت أنَّ الأستاذ حسن البنا يريد أن يبعث (المنار) ويعيد سيرتَها الأولى، فسرَّني هذا، فإن الأستاذ البنا رجل مسلم غيور على دينه، يفهم الوسط الذي يعيش فيه، ويعرف مواضع الداء في جسم الأمة الإسلامية، ويفقه أسرار الإسلام، وقد اتصل بالناس اتصالاً وثيقًا على اختلاف طبقاتهم وشغل نفسه بالإصلاح الديني والاجتماعي على الطريقة التي كان يرضاها سلف هذه الأمة".
2- فضيلة الشيخ حسنين خلوف (مفتي مصر الأسبق)
(الأئمة في مختلف العهود كانوا أعلام دين وسياسة)
"الشيخ حسن البنا (أنزله الله منازل الأبرار) من أعظم الشخصيات الإسلامية في هذا العصر، بل هو الزعيم الإسلامي الذي جاهد في الله حقَّ الجهاد، واتخَذ لدعوة الحق منهاجًا صالحًا، وسبيلاً واضحًا، واستمده من القرآن والسنة النبوية، ومن روح التشريع الإسلامي، وقام بتنفيذه بحكمة وسداد، وصبر وعزم، حتى انتشرت الدعوة الإسلامية في آفاق مصر وغيرها من بلاد الإسلام واستظلَّ برايتها خلقٌ كثير.
عرفته- رحمه الله- منذ سنين، وتوثَّقت الصداقة بيننا في اجتماعات هيئة وادي النيل العُليا لإنقاذ فلسطين الجريحة، وتحدَّثنا كثيرًا في حاضر المسلمين ومستقبل الإسلام، فكان قويَّ الأمل في مجدِ الإسلام وعزة المسلمين إذا اعتصموا بحبل القرآن المتين، واتبعوا هدْيَ النبوة الحكيم، وعالجوا مشاكلهم الاجتماعية والسياسية وغيرها بما شرعه الله في دينه القويم.
ففي الإسلام من المبادئ السامية، والتعاليم الحكيمة ما فيه، من شفاء لكل مرض، وعلاج لكل داء، وحل لكل مشكلة، وفيه من الأحكام ما لو نفِّذ، ومن الحدود والعقوبات ما لو أُقيم لسعد الناس في كل زمان ومكان بالاستقرار والاطمئنان، وعاد المسلمون إلى سيرتهم الأولى يوم كانوا أعزاء أقوياء.
تلك لمحةٌ من حديثه، وهي عقيدة كل مسلم، وأمل كل غيور على الإسلام، غير أن العلماء حبسوا هذا العلم الزاخر في الصدور، ولم يردِّدوه إلا في حلقات الدروس وفي زوايا الدور.
أما الشيخ حسن البنا- رحمه الله- فقد أخذ على نفسه عهدًا أن يرشد العامة إلى الحق، وينشر بين الناس هذه الدعوة، وينظِّم طرائقها ويعبِّد سبيلها، ويربِّي الناشئة تربيةً إسلاميةً تنزع من نفوسهم خواطر السوء، وتعرِّفهم بربهم وتدنيهم من دينهم الذي ارتضاه الله لهم، فكان له ما أراد، وتحمَّل في ذلك من المشاقِّ والمتاعب ما لا قِبَل باحتماله إلا الرجل الصبور والمؤمن الغيور، الذي يبغي رضاء ربه بما يعمل، ويشعر بدافع نفسي قوي إلى إنقاذ أمته من شر وبيل وذلٍّ مقيمٍ.
من الطبيعي- وهذه دعوته- أن يمس السياسة عن قرب، وأن يأخذ في علاج مختلف الشئون على ضوء التعاليم القرآنية، وهنا يقول الأستاذ بحق ما نقوله نحن ويقوله كل من درس الإسلام وأحاط خبرًا بالقرآن: إن الإسلام دين ودنيا، وسياسة ودولة، والمسلم الحق هو الذي يعمل للدين والدنيا معًا، فقد جاء القرآن بالعقائد الحقة، وبالأحكام الراشدة في العبادات والمعاملات ونُظُم الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وجاء بالأوامر والنواهي وما يصونها من العقوبات والزواجر، وألزم المسلمين كافة العمل بها، وإقامة الدولة على أساسها، فإذا دعا حسن البنا إلى ذلك فقد دعا إليه الله ورسوله، ودعا إليه الصحابة والتابعون وسائر الأئمة والفقهاء وزعماء الإسلام في كل زمان.
يعيب عليه البعض أنه توغَّل في السياسة، وقد نوَّهتُ بالردِّ على ذلك في عدة أحاديث أذعتُها في مناسبات شتى، فالسياسة الراشدة من صميم الدين، والصدارة فيها من حقِّ العلماء بل من واجبهم، الذي لا يدفعه عنهم أحد، وما أُصيب العلماء بالوهن والضعف وما استعلى عليهم الأدنون وتطاول عليهم الأرذلون إلا من يوم أن استكانوا لأولئك الذين يحاولون احتكار السياسة، ويستأثرون بالسلطان في الشعوب والأمم الإسلامية قضاء للُباناتهم واغتصابًا للحقوق.
وإذا صحَّ فصلُ الدين عن السياسة أو بعبارة أخرى الحجْر على علماء الدين في الاشتغال بسياسة الدولة- بالنسبة لسائر الأديان- فلا يصح بالنسبة للدين الإسلامي الحنيف، الذي امتاز على غيره بالتشريع الكفيل بسعادة الدين والدنيا معًا.
وقد كان الأئمة في مختلف عهود الإسلام أعلامَ دينٍ وسياسةٍ، فما بال الناس اليوم يُنكرون على علماء المسلمين أن يُعنوا بشئون الشعوب الإسلامية، ويغضبوا لكرامتها، ويجاهدوا لإعزازها، وتبصير الناس بما يموِّه به الاستعماريون من حيل، ويدبرون من فتن ويدسون من سموم.
وما الذي خوَّلهم حق احتكار الساسة والحكم؟! إنَّ من حقِّ العلماء- وأعني بهم القائمين بالدعوة إلى الله لا خصوص حملة الشهادات العلمية الرسمية- أن يمثَّلوا في كلِّ شئون الدولة، وخاصةً في السلطة التشريعية، حتى لا يشرع في الدولة الإسلامية ما ينافي أحكام الإسلام، وأن يكون للتشريع الإسلامي الذي لهم به اختصاصٌ واضحٌ الأثرُ الأولُ في التشريع والتنفيذ.
إنَّ الدعوةَ في جوهرها دعوةٌ واضحةُ المعالم، والقلوب الموفَّقة قد انعطفت إليها، والشعب قد آمَن بها، ومن إنكار الحقائق أن يزعم زاعم انصرافَ السوادِ الأعظم من الأمة عنها، وكلما أمضت السياسة في توهينها ازدادت قوةً وذيوعًا، وأيقن الناسُ بما فيها من خيرٍ وصلاحٍ ومن الإخلاص لولاة الأمور الصدقَ في القول والأمانةَ في الأداء، فليعلموا أن الدعوةَ عقيدةٌ استقرت في النفوس، وأن مقاومةَ السياسة لها ولدعاتها لا يزيدها إلا ثباتًا ورسوخًا، وإنَّ من الراسخ في العقائد أن اليهود- ومن ورائهم الدولة الغاصبة والدولة الاستعمارية- هم الذين يكيدون لها ويبذلون كلَّ ما في استطاعتهم لاستئصالها، ولكن هيهات ما يريدون!!
وبعد.. فإنا نسأل الله- تبارك وتعالى- للمسلمين خيرًا عميمًا، ورشدًا أمينًا، وتوفيقًا سديدًا لكل مَن يدعو إلى خير ورشاد، ورحمةً واسعةً للأستاذ العظيم". (مجلة الدعوة- 13 فبراير 1951م)
3- فضيلة الشيخ أحمد حسن الباقوري (وزير الأوقاف المصري الأسبق)
(الإنسانية هي الخاسرة)
"في مثل هذه الأيام منذ عامين مضيا أذن الله أن يلقى الأستاذ المرشد عصا التسيار من دنيا الناس وأن يتفيأ في الملأ الأعلى مكانًا قدسيًّا في ظلٍّ من رحمةِ الله ورضوانه فاطمانت نفس طالما أزعجها القلق واستراح جسد شد ما أرهقته الحركة والاضطراب.
كذلك أصور لنفسي موتته رحمه الله كلما استبدَّ بي الألم وساورني الجزع وأخذ الشعور بالفجيعة يغشيني بمثل لفح الهجير من قمة رأسي إلى أخمص قدمي فلا يكاد ذهني يستوعب هذه الصورة حتى أجد برد العزاء ينساب في نفسي كما ينساب الماء المثلوج في أحشاء الصديان يلهبها الظمأ ويسعر نارها الهيام.
وكذلك أرجو للمؤمنين أن يصوروا لأنفسهم هذه الصورة كلما وجدوا لوعة الذكرى تغلي في قلوبهم مراجلها وتستعر في أحشائهم نيرانها، وإنهم لواجدون بها عزاءً مستنيرًا ومستبصرًا قائمًا على تقديرٍ منطقي خاصٍّ لا على مجرَّد أنَّ الموت قدرٌ لا حيلةَ فيه ولا سبيلَ إلى دفعه على نحو ما يُقال لكل من ذاق الموت من هذه المخلوقات.
لم يخسر الأستاذ البنا بموتته تلك شيئًا- أي شيء- هكذا يقول كل أحد، أو هكذا يجب أن يقول كل أحد، سواء المؤمن الذي يسمو بمعنى الجزاء حتى يلتمسه عند الخالق في خوالد الجنات، والكافر الذي يسف بمعنى الجزاء حتى يلتمسه عند المخلوقين في خلود الذكر واعتبار التاريخ.
لقد عاش الأستاذ حسن البنا لغاية آمن به إيماناً شغله عن كل ما يشغل الناس سواه شغله عن أهله وعن ولده وعن نفسه فلو أنه سُئل عن كل ساعة أنفقها في تفكير محرق، أو رحلة جاهدة، أو كتيبة مؤرقة، أو صلاة خاشعة.. ولو أنه سُئل عن مقدار التضحية التي بذلها في سبيل إيمانه هذا لاستطاع أن يقول ضحيت بمالي، وبولدي وراحتي ولم أقصر حياة الشظف والخشونة على نفسى حتى جاوزتها إلى كل ما لهم صلة بي، ثم أخيرًا ضحيت بنفسي.
ولو أنه سُئل عن الغاية التي تحراها من كل هذا العناء العالي لاستطاع أن يقول بارًا صادقًا: "لم أرد عرض الحياة الدنيا، وإنما أردتُ الله وابتغيتُ ثوابه العظيم، ومثل ذلك حق على الله أن يرضيه حتى يرضى وأن يفتح له أبواب جنته يتبوأ منها حيث يشاء إن شاء الله.
ولقد عاش الأستاذ البنا في الناس حبيبًا إلى قلوبِ أوليائه، مهيبًا في نفوس أعدائه، وكانت الكلمة تنطلق من فمه لتملأ الأسماع والقلوب والعقول فيجد فيها الولي بسمة الأمل ونشر الغبطة، ويجد فيها العدو بلبلة الفكر وشوك المضجع، ومن حقه رحمه الله وهو بهذا المحل الرفيع في أمته الإسلامية جمعاء أن يتحرك التاريخ مزهوًا ليروي سيرته بين مَن يروي سيرهم، ممَن قامت دعائم عظمتهم على الإيمان والإنتاج لا على الدعاية والتهريج.
لم يخسر الأستاذ إذن شيئًا بميتته تلك.. وإنما خسرت الإنسانية نعم خسرت الإنسانية ولا أقول خسر الإسلام.. فإن الإنسانية تتعرض في هذه الظروف لأشد محنة تعرضت لها في تاريخها الطويل، وهي محنة المادية الثقيلة التي تريد أن تظفر بالمعاني الروحية، لتعود الإنسانية كلها بعد ذلك حيوانية تتحرك في دفع الشهوات كما تتحرك الآلات في دفع البخار، وقد كان حسن البنا لسان الروحانية المبين، وكان حجتها الواضحة ودليلها الهادي، وكان قوتها المليئة حيوية ونشاطًا.. ولا نحب أن نستمرئ أحضان اليأس حتى نقول: لقد كان الأستاذ كل شيء وبموته انهار كل شيء.. فإنَّ رحمه الله بالناس أرحب من هذا وأوسع، ولئن مضى حسن البنا إلى ربه، لقد كان فيمن ترك من أبنائه مجتمعين القوة التي تكفل لهذه الدعوة أن تهدي وأن تنقذ إن شاء الله.
إنَّ خيرَ ما يحيى به المؤمنون ذكرى الأستاذ المرشد هو أن يجتمعوا على الحق، وأن يعاهدوا الله في صدق وإخلاص أن يكونوا أصحاب رسالة وأعلام خير ودعاة أخوة ورسل إسلام وسلام".. (مجلة الدعوة- 13 فبراير1951م).
4- الشيخ: علي حسب الله- أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم
"في صيف سنة 1927م دخلت مكتبة دار العلوم فوجدتُ الداعية المخلص إلى الله في دعواه الشيخ: محمد عبد العزيز الخولي رحمه الله ومعه شاب ممن تخرجوا ذلك العام في دار العلوم، وما كاد الشيخ يرد التحية حتى قال: تعال أسرع إن صاحبك هذا "حسن البنا" عُيِّن مدرسًا ببلدكم الإسماعيلية وهو غير مستريحٍ لهذا التعيين، فتحدثتُ إليهما حديث المعتز ببلده، وذكرتُ للزميل الكريم ما في طباع أهل تلك البلد من التودد إلى الوافد عليهم، وأنه سيجد فيهم أهلاً بأهل، وإخوانًا بإخوان، وقد صادف هذا الكلام هوًى في نفس الشهيد رحمه الله، ظهرت آثاره بعد سفره.
جاء الفقيد الإسماعيلية عقب نزاعٍ ديني انقسم فيه المسلمون قسمين:
قسم متمسك بالقديم على علاته، وآخر عاملٌ لإصلاح عقائد الناس وتطهيرها من أدران البدع والخرافات، وظهر الخلاف في مسائل فرعية كان كل فريق يتمنى أن يسمع من الداعية الجديد ما يؤيد وجهةِ نظره فيها، ولكن حسن البنا كانت غايته أسمى وأعمق من أن يُثير خلافًا أو ينصر فريقًا على آخر، كانت غايته أن يُؤلِّف بين القلوب بالمحبة ويوجهها إلى الله، ويعدها للتضحية في سبيل الحق، ويرى أن هذا كفيلٌ برفع أسباب النزاع، فإنَّ النفوس الطاهرة والقلوب الخالصة في منعةٍ من وساوس الشيطان وعوامل الفرقة والخذلان.
وقد كان له ما أراد بالنية الصادقة والإخلاص إلى الله، وإذا كان قد تقدمه من المصلحين في العصر الحديث من كان عمله نظريًّا يبدأ من أعلى أو من الوسط فإن حسن البنا رأى أن يبدأ من الأساس الذي بدأ به النبيون دعواتهم، وهو إصلاح العامة والفقراء، فلم يعتمد في بادئ أمره على المال ولا على الأغنياء، ولهذا كان يفضل في دعوته أن يغزو المجالس الشعبية العامة كالمقاهي، وشهدت الإسماعيلية بجهوده انقلابًا هامًّا، فإن ذلك الشباب الذي أعماه الجهل وأضله الفساد الشائع بين الناس، والذي يئس العقلاء من إصلاحه، انقلب شبابًا متدينًا متحمسًا للدين معتزًّا به، وقد فهم لأول مرة وبطريقة عملية أن الدين ليس عبادة في المحراب فقط، بل هو مع هذا عمل متواصل قوي لجمع الشمل وتآزر القوى وإعزاز الأمة، وإحلالها المحل اللائق بها، ومن الرعيل الأول أُلفت الجماعة "الإخوان المسلمون" التي كان أول شعار لها ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ وأسمى غايتها ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ ثم نمت الشجرة وأينعت وآتت ولا تزال تُؤتي أكلها كل حين بإذن ربها فبارك الله فيها، ومتَّع غارسها برضوانه، وآنسه بالذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا". (مجلة الدعوة- عدد 105)
5- د. محمد يوسف موسى- الأستاذ بكلية أصول الدين
داعية أول
"لا بد لكل رسالةٍ ما من دعاة يقومون بها، ومن داعية أول يعيش لها وبها، ولعل أهم ما يميز الداعية الأول بعد ذلك، عمله على كشف الأكفاء لمعاونته في تحقيق رسالته، وعلى كسبهم أنصارًا له واستبقائهم دائمًا بجانبه.
وقد كان صديقنا المغفور له الأستاذ حسن البنا "داعية" دينيًّا واجتماعيًّا من الطراز الأول، قد جمع الله تعالى له كل ما يجب لنجاح الدعوة، ولعل من أهم ذلك ما لمسته فيه من بصرة النافذ بمَن يصلحون للقيام معه بدعوته، ثم عمله على ضمهم إليه بكل قلوبهم وعقولهم ومواهبهم، عرفتُ ذلك منه بخاصة، حين رغب إلي وآخرين معي في أن نكون رفقاء له في رحلةٍ من القاهرة إلى الإسكندرية ثم رشيد بعد الحرب الماضية.
وأملنا قوي في أن تزداد الدعوة، دعوة الإخوان المسلمين، كل يوم قلوبًا وعقولاً جديدة، ولا سيما في الأيام التي تنتظر الأمة منهم الكثير، وتدعوهم إلى التقدم بما يرون من خططٍ ودراساتٍ ومشروعاتٍ للإصلاح". (مجلة الدعوة- عدد 105).
6- د. عبد العظيم المطعني: الأستاذ
بجامعة الأزهر
حسن البنا ودعوة لن تموت
"لم يستطع الغرب أن يبتلع بلاد الشرق الإسلامي عن طريق الحروب الصليبية التي باءت بالفشل، ولم ينصرف الغرب عن التفكير في الشرق بعد فشل تلك الحروب، فحلت مساعي الاستعمار الحديث المسلحة محل تلك الحروب، وخرجت قوافل التبشير إلى ربوع آسيا ومجاهل أفريقيا يساندها تعصب حاقد على الإسلام والمسلمين، ووضعت الخطط السرية لصرف المسلمين عن دينهم ووضعت بإزائها الاعتمادات المالية السخية للإنفاق عليها حتى تبلغ مرادها، فأصبح الإسلام والمسلمون بين فكي كماشة: صراع عسكري يدك المعاقل ويحطم الحصون.. وصراع فكري ينتزع الإسلام من القلوب انتزاعًا أو يشوه صورته في نفوس بنيه؟!
وقد تعرَّض الشرق الإسلامي لأحداث عنيفة أطاحت بالكثير من معالم حضارته فحروب أو غزوات التتار والمغول التي انتهت بسقوط بغداد ثم الحروب الصليبية ثم تآمر دول أوروبا على دول الخلافة وإسدال الستار على سياسة الباب العالي "الرجل المريض" وتقسيم ميراثه بينهم، وتقسيم الأقطار الإسلامية إلى دويلات كل هذه أحداث حركت المشاعر وأيقظت الهمم في كل مكان، وقد انضم إليها سبب مشابه داخل الأقطار الإسلامية نفسها، وهو تخلف المسلمين وبُعدهم عن دينهم وتفككهم في وقتٍ كان ينبغي أن يكونوا على مستوى الأحداث المحيطة بهم لمقاومتها ورأب ما أحدثته وتحدثه من صدوع؟!
وكان من رد الفعل أن ظهرت حركات الإصلاح في مواقع متعددة من البلاد الإسلامية، قامت حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب المعروفة بالحركة الوهابية، وكانت ثورةً على البدع المستحدثة في الدين ومحاولة لتنقية الدين مما علق به من شوائب، وكان مسرحها شبه الجزيرة العربية وقامت الثورة المهدية في جنوب وادي النيل، وكانت تهدف إلى الإصلاح السياسي والاجتماعي في إطار التوجيهات الدينية التي حاول الاستعمار طمسها وتشويهها.
وفي شمال غرب أفريقيا قامت الحركة "السنوسية" لكنها كانت ترتكز على التربية الروحية والنزعة الصوفية أكثر من اهتمامها بمشكلات الحياة.
وقام الشيخ جمال الدين الأفغاني بدعوته المعروفة حول إنشاء الجامعة الإسلامية، ولكن مطلبه كان عزيز المنال؛ لأنه مطلب سياسي يقل من يستجيب له من السادة الكبار.
والتف حول هؤلاء تلاميذ لهم اتجهوا إلى المنهج الأكاديمي في الدعوة، وظلت قطاعات الشباب في كل مكان تنتظر مَن ينفث فيها روح القوة، ويلمس بتوجيهه شغاف قلوبهم، وقد ادخرت العناية الإلهية لهذه المهمة الجليلة الإمام الشيخ حسن البنا الذي أصبح شعلة لم تنطفئ رغم محاولات الحاقدين من عملاء الاستعمار وأعداء الإسلام محليين ومستوردين.
شاب يدعو الشباب إلى الإسلام:
بدأ الإمام الشهيد دعوة الشباب إلى التمسك بالدين في وقتٍ مبكرٍ من عمره إذ كان في الثانية والعشرين منه بعد تخرجه في دار العلوم بعام واحد، وشاب في هذه السن المبكرة يضطلع بهذه المهمة الجليلة، فهو شاب نشأ في طاعة ربه وعبادته ولم تعرف حياته "الباكرة" لهو الشباب وعبثهم، وإلا بدأ دعوته في مرحلة متأخرة قطعًا.
اتجه الإمام الشهيد- إذن- إلى إصلاح عقيدة الشباب وفكره فأنشأ أول دار للإخوان المسلمين بالإسماعيلية فكانت القطرة التي انهمر منها الغيث وعم القمم والسهول، وباشر دعوته بعقل ناضج وأسلوب واضح.
منذ عام 1928م، كانت دعوته من أول عهدها شعبية فيمم الشباب وجوههم شطرها، وسرعان ما خرجت من مدينة الإسماعيلية إلى كل أنحاء العالم ثم انتقلت إلى الأقطار الإسلامية والعربية في سرعة البرق ورقة النسيم.
وقد وهب الله الإمام الشهيد البيان الواضح والأسلوب الحكيم إلى ما عمرت به شخصيته من أدب النفس واستقامة السلوك وفقهه بمقاصد الإسلام، وحفظه للقرآن الكريم والوقوف على أسراره ومعانيه، وروايته للحديث، وإلمامه بعبر التاريخ وفهمه لسيرة أصحاب الرسول- صلى الله عليه وسلم-، ومعرفته بمواطن الضعف في الأمة، وبهذا قد استكمل الإمام الشهيد كل مقومات الداعية المؤثر، والمصلح المطاع كان يعرف إلام يدعو؟ وكيف يدعو؟ ومن يدعو؟ ومتى يدعو؟ بقلب شجاع وسلوك طيب، ولسان فصيح، وحجة ساطعة، فلا غرابةَ أن يلتفت الشباب كله في عزمٍ وثباتٍ حول ذلك المصلح المخلص إلام كان يدعو الإمام الشهيد؟
كان الإمام متبعًا وليس مبتدعًا، والاتباع هو منهج كل مصلح صادق، أما الابتداع فإنه مسلك كل دجال كاذب، كان الإمام متبعًا ولأنه اتخذ من التمسك بالدين طريقًا للإصلاح، وفي هذا يقول "دعوتنا إسلامية بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ فافهم ما شئت، وأنت في فهمك هذا مقيد بكتاب الله وسنة رسوله، وسيرة السلف الصالحين من المسلمين، فأما كتاب الله فهو أساس الإسلام ودعامته، وأما سنة رسوله فهي مبينة الكتاب وشارحته، وأما سيرة السلف الصالح فهم رضوان الله عليهم منفذو أوامره، وهم الصورة الماثلة والعملية لهذه الأوامر والتعاليم، وكان هدف الإمام من تلك الدعوة أن يُعيد الشباب المسلم إلى الإسلام الصحيح بجلاء مفاهيمه، وإيضاح مراميه، فالإسلام منهج حياة بكل ما تتسع له كلمة "الحياة" من معانٍ فهو عقيدة وشريعة، ودنيا وآخرة، بيان وفكر وجهاد ونضال قد وسَّع النشاط البشري كله، لكل مسألةٍ فيه حكم وتوجيه، ولكل مشكلةٍ حل، هو مع المسلم أينما حلَّ في صحوه ونومه، في معلمه ومصنعه، وفي محرابه ومصلاه، في أكله وشربه، هو معه في كل شئونه، وكل محاولة للإصلاح لم تتخذ من إسلام زادها وعدتها باءت بالفشل، ولا سبيلَ لإصلاح شئوننا إلا بالعودة للإسلام"، ولهذا فإنه يطالب بالخطوات الآتية:
1- إصلاح القوانين: وهذا يكون بموافقة القوانين لأصول الفقه الإسلامي.
2- إصلاح مظاهر الاجتماع: وهذا يكون بموافقة السلوك لمبادئ الدين الحنيف.
3- محاربة الإباحية: وهي تتحقق بقمع الشهوات والتحلي بالفضائل.
4- تنظيم التعليم: بحيث يهدف التعليم إلى حماية العقيدة واستقامة الخلق.
5- المؤاخاة بين المسلمين: بحيث يكون المسلمون رجلاً واحدًا وقلبًا واحدًا ويدًا واحدةً، وكونوا عباد الله إخوانًا.
قيمة هذه الدعوة
جاءت دعوة الأستاد الإمام رد فعل هام للأحداث الخطيرة التي تجمعت آثارها في مطلع العشرين، فقد نشطت الأصوات التي كانت تنادي بترك الحجاب وتدعو إلى سفور المرأة، ونشطت الأقلام التي كانت تدعو إلى القضاء على اللغة العربية الفصحى لتحل العامية محلها، بل وتطالب بأن تكون الكتابة بالحروف اللاتينية لتحل محل الحروف العربية، وأخذ مَن يسمون أنفسهم "أنصار المرأة" ينادون بالاختلاط بين الرجال والنساء في كل مكانٍ بحجة تحرير المرأة كما فعلت المرأة الأوروبية وتعرضت مبادئ الإسلام نفسه للإهمال فترك العمل بكتاب الله وشريعته في الحكم ودور القضاء والنيابة، وحلَّت محلها القوانين الوضعية، وصار الربا مصدرًا من مصادر الكسب لدى الجماعات والأفراد، ونشط عملاء الاستعمار في توجيه الطعنات للإسلام في الصميم، فقبيل قيام الأستاذ الإمام بدعوته الشجاعة بعامين أصدر الدكتور طه حسين كتابه "في الشعر الجاهلي"، وقد طعن في صدق القرآن الكريم، وقال إنَّ وُرود قصة إبراهيم وإسماعيل في القرآن ليس بدليلٍ كافٍ على وجودهما التاريخي، كما شبَّه القرآن بقصائد أمية ابن أبي الصلت الشاعر الجاهلي وبرئ الدكتور طه حسين في مقدمةِ كتابه ذلك من دينه وعقيدته، وأخذ يُدرِّس تلك السموم التي احتوى عليها كتابه للشباب في الجامعة المصرية الناشئة.
هذه النزعات الخطيرة لو لم تقم في وجهها دعوةٌ صلبةٌ تؤمن بالحقِّ وتذود عنه، وقد تمثلت تلك الدعوة في جهود الإمام الشهيد لانتزعت الإيمان من قلوبِ الناس انتزاعًا وخاصةً الشباب، ومن هنا تكتسب دعوة الإمام البنا قيمتها.
ولم يأبه أنصارها مما أصابهم في سبيلها من أذى، والتاريخ على هذا خير شاهد، قيام بالحق، وذود عن الدين وحراسة لقيمه في إباء وشمم، وما زالت دعوته تؤتي ثمارها- ولا تزال حتى ينصر الله حزبه وجنده وجند الله هم الغالبون.
سر بقائها واستمرارها:
تجاوزت دعوة الإمام البنا الخمسين عامًا تعمل بجدٍّ وإخلاصٍ لنصرةِ الإسلام عقيدةً وشريعة، وهي قوة وصلابة لم يلحقها تغيير ولا تبديل في مبادئها الأصيلة التي عُرفت بها من إنشائها، ولم يزهد أنصارها فيها أنهم تعرضوا لضربات غاشمة ثلاث كرات استشهادًا واعتقالاً وسجنًا واضطهادًا وتعذيبًا ورميًا لهم بالإرهاب والوحشية، بل إنهم كانوا يخرجون من كل محنةٍ وهم أصلب عودًا وأثبت قدمًا، حتى أصبحت حركة الإخوان أكبر حركة إسلامية في العصر الحديث وأبقي أثرًا فهل لذلك ولهذا السبب؟ نعم:
أما ثباتها واستمرارها فلأنها دعوة قامت على الحقِّ والحق ثابت لا يتغير، فمبادئ الإسلام هي هي منذ أقرها عليه الصلاة والسلام، وكل دعوة تعتمد على مبادئ الإسلام لا ينالها تغييرٌ ولا تبديل، أما النظم الأخرى عُرضة للخطأ، ولهذا فإنَّ الخمسين عامًا هذه قد تبدَّلت فيها أحوالٌ وتغيرت.. فكم من المذاهب قامت ثم سقطت وحلَّت محلها اتجاهات أخرى مرات ومرات في كلِّ بلدٍ من بلدان العالم المعاصر، بل إنَّ مصر نفسها- موطن الدعوة قد مرَّت بكثيرٍ من التجارب الفكرية والسياسية خلال هذه المدة، ويقرر اليوم منهج ثم يأتي الغد فيلغي ويبحث عن بديل له، بل إنَّ عهد الثورة المصرية الأخيرة قد عرف حتى اليوم اتجاهات عدة وما زلنا نرى سلوكًا يحل محل سلوك، نستقبل الجديد بالثناء والأمل ونودع القديم بالذم ونرميه بالقصور.
وأما التفاف الشباب حولها في عزمٍ وثبات فيفسره لنا العلامة ابن خلدون في مقدمته؛ حيث يقول إن العرب لا يجتمعون إلا حول قيادة دينية ولا ينتصرون إلا بقيادةٍ دينية، وقد صدق التاريخ هذه القاعدة فقبائل العرب المتفرقة المتناحرة صنع منها الإسلام بقيادة محمد- صلى الله عليه وسلم- خير أمة أخرجت للناس دكت عروش كسرى فارس وقيصر الروم وملأت الأرض عدلاً ونورًا، وصلاح الدين الأيوبي حينما تمسك بالإسلام وحَّد صفوف العرب والمسلمين جميعًا، فكانت كل المنابر في العالم الإسلامي تدعو له مخلصةً بالنصر، ويؤمن المصلون في صوتٍ هادر قائلين آمين.
ذلك هو الطريق فهل نحن سالكوه؟.. ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ﴾ "صدق الله العظيم".
احمد ماهر محمد- عدد المساهمات : 20
تاريخ التسجيل : 19/04/2011
رد: الاخوان........تحت المجهر؟؟؟
الحلقه الثالثه
وسائل التربيه عند الاخوان المسلمين:
ولانه موضوع طويل جدا ؛فقد تم فيه تأليف الكتب والتمحيص والتدليل ؛ولانه اساس قيام دعوة الجماعه وترتيب منهجهم وهو اساس فكرهم ؛
ولكل هذة الاسباب
اخترت لسيادتكم هذا الكتاب
الذى يوضح دون ريب او شك اساس العمل الجماعى والفردى لدى الاخوان المسلمين منذ نشأتها حتى اليوم؛ولسيادتكم الرابط:::::
4shared.com /file/58722486...ified=1f411b32
وسائل التربيه عند الاخوان المسلمين:
ولانه موضوع طويل جدا ؛فقد تم فيه تأليف الكتب والتمحيص والتدليل ؛ولانه اساس قيام دعوة الجماعه وترتيب منهجهم وهو اساس فكرهم ؛
ولكل هذة الاسباب
اخترت لسيادتكم هذا الكتاب
الذى يوضح دون ريب او شك اساس العمل الجماعى والفردى لدى الاخوان المسلمين منذ نشأتها حتى اليوم؛ولسيادتكم الرابط:::::
4shared.com /file/58722486...ified=1f411b32
احمد ماهر محمد- عدد المساهمات : 20
تاريخ التسجيل : 19/04/2011
رد: الاخوان........تحت المجهر؟؟؟
الحلقه الرابعة
دور التيار الإسلامي في الصراع ضد الصهيونية
يمكن تقسيم مراحل الصراع بين المسلمين عربًا وغير عرب، وبين اليهود وحلفائهم على النحو التالي:
المرحلة الأولى: تأسيس الحركة الصهيونية :
حيث تم تأسيس الحركة الصهيونية المستندة إلى فكرة القومية اليهودية، والمتبنية لمشروع إقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين (دولة إسرائيل).. ففي النصف الثاني من القرن التاسع عشر تبنى عدد من المفكرين اليهود الدعوة إلى تكوين قومية يهودية، وبلور هذه الدعوة المفكر اليهودي الروسي "بينسكر" في كتابه "التحرير الذاتي" الذي أصدره في عام 1882م، ولكن هذه الدعوة قوبلت بالرفض والمعارضة من بعض المفكرين اليهود المتدينين، وتبلورت هذه المعارضة في المؤتمر الوطني العام لممثلي الدين الإصلاحي اليهودي الذي انعقد في مدينة بيتسبورغ بالولايات المتحدة في عام 1885م، حيث أصدر بيانًا يرفض فيه فكرة العودة إلى فلسطين معلنًا أن أمريكا هي "صهيوننا".
ولكن هذه المعارضة لم تصمد طويلاً، فقد انبرى ثيودور هرتزل إلى إذكاء نيران الفكرة الصهيونية في كتابه "الدولة اليهودية" الذي أصدره في عام 1895م، حيث دعا فيه جهارًا إلى تأسيس دولة إسرائيل على أرض فلسطين، ثم تبع ذلك انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بال السويسرية برئاسة هرتزل في عام 1897م، حيث تكرَّسَت في هذا المؤتمر الفكرة الصهيونية، وأخذت الحركة الصهيونية شكلها الحركي والتنظيمي بعد أن هزمت فكرة إقامة الوطن القومي اليهودي- أي دولة إسرائيل في فلسطين - جميع الاقتراحات الأخرى الداعية إلى إقامتها في أوغندا أو الأرجنتين وغيرها.
المرحلة الثانية: تنفيذ مقررات مؤتمر بال :
وهي مرحلة التمهيد لتنفيذ مقررات مؤتمر بال. وقد اتخذت هذه المرحلة مَنْحَيَيْن:
الأول في اتجاه إيجاد ثقل ديمغرافي لليهود في فلسطين من خلال تشجيع الهجرة اليهودية إليها..
والثاني في اتجاه الحصول على اعتراف دولي يضفي شرعية على الفكرة الصهيونية ومشروعها لإقامة دولة (إسرائيل) في فلسطين.
دور التيار الإسلامي :
مثَّلت الدولة العثمانية الإسلامية التيار الإٍسلامي في مواجهة الاتجاه الأول من هذه المرحلة.. فقد جاءت أول محاولة صهيونية لتهجير اليهود إلى فلسطين في عام 1850م على شكل مشروع وضعه الصهيوني البريطاني "إيرل. إن. شانتري"، وتبناه وقدمه إلى الدولة العثمانية وزير خارجية بريطانيا "بانشتون"، ولكن الخليفة العثماني المسلم عبد المجيد خان - والد عبد الحميد الثاني - رفض المشروع بحزم .. وعندما انفضح دور اليهود في المؤامرة على قيصر روسيا إسكندر الثاني عام 1881م، تقدمت منظمة "أحباء صهيون" باسترحام للخليفة العثماني عبد الحميد الثاني للسماح ليهود روسيا المضطهدين بسبب تآمرهم على القيصر بالهجرة إلى فلسطين، فكان جواب السلطان حازمًا بالرفض ... وفي عام 1892م حاول بعض اليهود الألمان الاستيطان في منطقة الساحل الشرقي لخليج العقبة، وأقاموا مستوطنة لهم في "المويلح"، فأصدر السلطان أمرًا في 16 شباط/ فبراير 1892م لقواته المرابطة في السعودية بإعادة المستوطنين اليهود من حيث أتوا... ثم بدأت محاولات هرتزل بعد مؤتمر بال لإغراء وإغواء السلطان عبد الحميد بكل وسائل الإغراء والإغواء، ومستغلاً وساطة العشرات من الزعماء الأوروبيين لدى السلطان لثنيه عن موقفه الرافض لفتح باب الهجرة اليهودية إلى فلسطين. ولا أريد أن أفصل كثيرًا فيما جرى من صراعات بين السلطان عبد الحميد وهرتزل حول هذا الأمر، فمجال ذلك في الكتب الكثيرة التي تحدثت عن هذه الصراعات، ولكنني أريد أن أَخْـلُصَ إلى القول بأن الدولة العثمانية وخليفتها عبد الحميد الثاني دفعا ثمنًا غاليًا مقابل الموقف الإسلامي الصلب ضد الهجرة اليهودية، حيث استطاع اليهود في نهاية المطاف اجتياز هذه العقبة الكؤود المتمثلة في الدولة العثمانية وخليفتها السلطان عبد الحميد حين تمكنت المحافل الماسونية من الإجهاز عليه وخلعه من الخلافة في عام 1908م، وتسليم زمام أمور الدولة العثمانية إلى الماسونيين من زعماء حزب الاتحاد والترقي.
ولكن مع كل ذلك فإن دور السلطان عبد الحميد كممثل للضمير الإسلامي الصادق لا يمكن أن يُنسى في مواجهة المخططات الصهيونية ضد فلسطين.
ومن الإنصاف أن أشير إلى أن فلسطين بعد إزاحة السلطان عبد الحميد، كانت من نصيب أهل فلسطين بقيادة العلماء، وبدعم معنوي متقطع من الشعوب العربية والإسلامية التي كان كل شعب منها منشغلاً بهمومه، كما كان لفتاوى علماء المسلمين بتحريم بيع الأراضي والعقارات لليهود تأثير في إعاقة عملية الهجرة ... ولقد بذل أهل فلسطين بأغلبيتهم المسلمة كل ما يستطيعون من جهد في مواجهة الهجرة اليهودية، وقاموا بصراعات مريرة على كافة الجبهات السياسية والعسكرية والإعلامية من أجل ذلك، ولعل أبرز محطات دَور التيار الإٍسلامي في هذه المرحلة يمكن تلخيصها على النحو الآتي:
1- كانت أول مواجهة دموية بين المسلمين واليهود في الرابع من نيسان / إبريل 1920م، عندما اعترض اليهود موكبًا للمسلمين متجهًا للاحتفال بموسم النبي موسى عليه السلام، وهو احتفال تقليدي دأب المسلمون في فلسطين على تنظيمه سنويًّا، وحاول اليهود إهانة الأعلام التي يحملها المسلمون، فجرت مشادة لم تلبث أن تحولت إلى معركة بالسلاح، ثم لم يلبث أن انضم الجنود الإنجليز إلى جانب اليهود فسقط من اليهود تسعة قتلى ومن المسلمين أربعة شهداء.
2- كان قد سبق تلك المواجهة الدموية انعقاد مؤتمر وطني فلسطيني في الخامس من آذار/ مارس 1919م أعلن فيه الفلسطينيون بأغلبيتهم المسلمة رفضهم لوعد بلفور، ورفضهم للهجرة اليهودية إلى فلسطين.
3- توالت المؤتمرات الوطنية التي كان يغلب عليها التوجه الإسلامي، والتي كان يشرف على تنظيمها الإسلاميون خاصة الشيخ أمين الحسيني مفتي فلسطين، كما توالت الوفود السياسية في زيارات إلى العواصم الأوروبية لإبراز الرفض الفلسطيني للهجرة اليهودية إلى فلسطين، ولإبراز الرفض لوعد بلفور.
أما الاتجاه الثاني في هذه المرحلة - وهو الحصول على اعتراف دولي بالفكرة الصهيونية - فقد تمكن اليهود من خلال إقناعهم للحكومة البريطانية بأسلوب ابتزازي، من إصدار وعد على لسان وزير خارجية بريطانيا "بلفور" في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1917م، يتعهد بمساعدة اليهود على إقامة وطن قومي لهم في فلسطين، فاكتسبت الفكرة الصهيونية ومشروعها لإقامة "دولة إسرائيل" اعترافًا دوليًّا، ولم تلبث فرنسا والولايات المتحدة وغيرهما من الدول الغربية أن سارعت لإصدار تعهدات مماثلة.
المرحلة الثالثة: تعزيز الوجود اليهودي في فلسطين
وتأتي بعد تعزيز الوجود اليهودي في فلسطين وتأسيس العصابات اليهودية العسكرية لحماية الوجود اليهودي من جهة، ولتُكَوِّن نواة للجيش الذي ستناط به مهمة إقامة "دولة إسرائيل" في فلسطين.
تجلى دور التيار الإسلامي في مواجهة تزايد الوجود اليهودي ومواجهة العصابات اليهودية، في العديد من الانتفاضات والثورات والنشاطات الجهادية ، أذكر منها ما يلي:
أ- ثورة البُراق: ففي يوم العشرين من آب / أغسطس 1929م اندلعت معركة عنيفة بين المسلمين واليهود والبريطانيين إثر محاولة اليهود الاستيلاء على حائط البراق الشريف، واستمرت المعركة داخل القدس، وعلى مقربة من حائط البراق الذي يسميه اليهود "المَبْكَى" حتى مساء 23 آب / أغسطس وقتل من اليهود 28، واستشهد 13 من المسلمين، ثم انتقل القتال إلى أنحاء أخرى من فلسطين مما اضطر الإنجليز إلى جلب إمدادات من خارج فلسطين، واستعانوا بالطائرات، وزوَّدوا العصابات اليهودية بالسلاح، واستمرت الثورة 15 يومًا قتل وجرح فيها 472 يهوديًّا، واستشهد وجرح 338 مسلمًا. وأعقب الثورة حملة من الاعتقالات، وصدرت أحكام بإعدام 20 من الثُوَّار المسلمين، ونُفِّذَ الحكم في ثلاثة منهم في يوم الثلاثاء 17 حزيران / يونيو 1930م وهم : فؤاد حجازي، وعطا الزير، ومحمد جمجوم ... وأثارت هذه الأحكام وما أعقبها من إجراءات قمعية ضد عرب فلسطين، ردود فعل في الوطن الإسلامي، وجاء أول رد فعل عملي في تنادي علماء المسلمين في فلسطين إلى عقد مؤتمر إسلامي عالمي في القدس لنصرة الشعب الفلسطيني المسلم، وانعقد المؤتمر في ليلة الإسراء والمعراج 4 كانون الأول/ ديسمبر 1931م، وشارك فيه ممثلون للمسلمين من 22 قطرًا.
ب - ثورة الشهيد عز الدين القسَّام: يمكننا القول إن ثورة الشيخ عز الدين القسَّام- السوري المنبت - كانت أول رد فعل حركي منظم يمثل التيار الإسلامي في الصراع ضد اليهود في فلسطين، فقد كانت ثورته وليدة جهود منظَّمة أشرف عليها الشهيد القسَّام لتجميع الإسلاميين حول فكرة الجهاد، منطلقًا بدعوته من مسجد الاستقلال في حيفا، لينتقل بعد ذلك إلى منطقة جنين ونابلس وطولكرم، لتكون مسرحًا لعملياته الجهادية ضد الإنجليز حماة اليهود، وضد العصابات اليهودية، متخذًا من غابات "يَعْبَد" مقرًّا لقيادته. ولكن القوة الغاشمة غلبت الفئة المؤمنة، ففي الخامس والعشرين من تشرين الثاني / نوفمبر من عام 1935م ارتقى شهيدنا القسَّام وعدد من إخوانه المجاهدين إلى جنان الخلد شهداء في سبيل الله دفاعًا عن أرض فلسطين المسلمة بعد حصار مُحْكم فرضته القوات البريطانية، وبعد معركة دامية أبلى فيها المجاهدون بلاءً حسنًا.
ج - ثورة عام 1936م: لم تذهب دماء شهيدنا القسَّام ودماء إخوانه هدرًا، بل كانت الجذوة التي زادت من ثورة أهل فلسطين بتحريض من العلماء المسلمين، فما كادت تمضي أشهر قليلة على استشهاد القسَّام وإخوانه حتى اندلعت في العشرين من نيسان/ إبريل 1936م ثورة جهادية انطلقت من يافا إلى القدس والخليل وحيفا، ثم لم تلبث أن شملت كل مدن وقرى فلسطين، وشهدت بطاح فلسطين طوال أشهر أيار/ مايو وحزيران/ يونيو وآب/ أغسطس وأيلول/ سبتمبر، وحتى منتصف تشرين الأول/ أكتوبر، معارك جهادية ضد البريطانيين واليهود كان من أشهرها معارك بلعا وترشيحا وجبع، ولم تتوقف الثورة إلا بعد أن انخدع أهل فلسطين بنداء من بعض ملوك العرب يطلبون إليهم إيقاف ثورتهم والاعتماد على حسن نوايا الحليفة بريطانيا، فما إن أوقفوا ثورتهم حتى شددت بريطانيا الخناق عليهم، وأمْعَنَت في تزويد اليهود بالسلاح.
وقد جاء رد الفعل الأقوى انتصارًا لثورة أهل فلسطين عام 1936م من خارج فلسطين، من جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وكان على النحو التالي:
- في شهر آذار/ مارس 1936م، قررت الهيئة التأسيسية للجماعة في اجتماع استثنائي تشكيل لجنة مركزية لمساعدة شعب فلسطين برئاسة الإمام الشهيد حسن البنَّا.
- في 18 أيار/ مايو 1936م، بعث الإمام الشهيد برقية إلى مفتي فلسطين الشيخ أمين الحسيني يؤكد فيها وقوف الإخوان إلى جانب إخوانهم أهل فلسطين.
- وجه الإمام الشهيد رسالة إلى لجنة جمع التبرعات لمساعدة الحبشة، يطلب تحويل جزء من الأموال التي جمعت لمساعدة شعب فلسطين.
- دعا مكتب إرشاد الجماعة في مصر، الإخوان المسلمين خاصة والأمة المسلمة عامة، للقنوت في كل صلاة والدعاء بالنصر لشعب فلسطين في ثورته ضد الإنجليز واليهود.
- أسس الإمام البنَّا صندوقًا أسماه صندوق قرش فلسطين، ودعا كل مصري إلى التبرع بقرش لمساعدة إخوانه في فلسطين كحد أدنى، واشترى بما تجمع في الصندوق سلاحًا وعتادًا أرسلها سرًّا إلى المجاهدين في فلسطين.
- نظَّم الإخوان حملة شارك فيها آلاف من دعاة وشباب الإخوان جابوا كل أنحاء مصر لتعريف الشعب المصري بقضية فلسطين وجمع التبرعات لمساعدته.
- وجَّه الإخوان نداءات تدعو المصريين لمقاطعة المصانع والمتاجر التي يملكها يهود في مصر، مؤكدين أن كل قرش يُدفع لهؤلاء يتحول إلى رصاصة تقتل مسلمًا فلسطينيًّا.
- وزَّع الإخوان مئات الآلاف من المنشورات والكتب التي تفضح إجراءات الإنجليز القمعية ضد شعب فلسطين، ومن هذه الكتب كتاب "النَّار والدمار في فلسطين" الذي أصدرته اللجنة العربية العليا لفلسطين، واعتقل الإمام الشهيد بعد توزيعه.
د- ثورة أعوام 1937م، 1938م، 1939م: لم تفتّ النكسة التي واجهتها ثورة 1936م بسبب انخداعها بنداء بعض ملوك العرب في حماس أهل فلسطين، إذ لم تنقضِ أشهر حتى كانت جذوة الثورة قد اتقدت من جديد بقيادة العلماء كالشيخ أمين الحسيني مفتي فلسطين، والشيخ فرحان السعدي، والشيخ أبو الفيلات، وشهدت هذه الثورات بطولات فردية نادرة قام بها المجاهدون وأدت إلى مقتل العديد من ضباط الإنجليز ومنهم حاكم لواء الجليل أندروز، ومساعده جوردن، والضابط العربي الخائن حليم بسطا، وحاكم جنين موفات، وشهدت سنوات 37 و38 و39م، معارك عنيفة خاضها المجاهدون ضد الإنجليز والعصابات اليهودية لا مجال لذكر تفاصيلها الآن.
ولم يقف الإمام الشهيد حسن البنَّا مكتوف اليدين أمام هذه التطورات، بل صعَّد من نشاطاته في دعم إخوانه في فلسطين، وتمثلت نشاطات جماعة الإخوان المسلمين في تلك المرحلة فيما يلي:
- في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1937م وجَّه مكتب إرشاد الجماعة مذكرة احتجاج للسفير البريطاني في القاهرة ضد وعد بلفور، مؤكدًا وقوف الإخوان إلى جانب إخوانهم شعب فلسطين.
- في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 1937م قاد الإمام البنَّا مظاهرة ضخمة في القاهرة انتصارًا لقضية فلسطين، في نفس الوقت الذي كانت فيه عشرات المظاهرات التي يقودها الإخوان تجوب كبرى المدن المصرية.
- عقد الإمام الشهيد مؤتمرًا شعبيًّا أسماه "المؤتمر الشعبي العربي لنصرة فلسطين"، وانعقد المؤتمر في سرايا آل لطف الله بالقاهرة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 1938م.
المرحلة الرابعة: المواجهة العسكرية المباشرة
وهي مرحلة المواجهة العسكرية المباشرة مع اليهود وراعِيَتِهم - آنذاك - دولة بريطانيا العظمى ... فمع بداية عقد الأربعينيات أصبح واضحًا أن الصراع أخذ يتجه نحو مواجهة عسكرية مباشرة مع اليهود .. وكان التيار الإسلامي داخل فلسطين وخارجه من أوائل المنتبهين لهذه الحقيقة، وكان لا بد أن يكون له دور في مواجهة هذه المرحلة الحاسمة، وهي مرحلة الاحتكاك العسكري المباشر، وقد تجلى دور التيار الإسلامي على النحو التالي:
- أدرك الإمام الشهيد حسن البنَّا ضرورة وجود نواة قوية للجماعة داخل فلسطين وفي الأقطار المجاورة لها لتكون على استعداد تام للقيام بواجبها الجهادي حين يَجِدُّ الجَدُّ .. ولذلك فقد عمد إلى إرسال عدد من دعاة الإخوان المسلمين إلى فلسطين وشرقي الأردن وسوريا ولبنان .. لنشر الدعوة فيها، ولم يكد عقد الأربعينيات ينتصف حتى كان للإخوان وجود حقيقي وقوي في هذه البلدان.
- بعد أن انتشرت تنظيمات الجماعة في فلسطين وما حولها، عَمَدَ الإمام الشهيد إلى إرسال عدد من المدربين العسكريين بقيادة الصَّاغ محمود لبيب لتدريب شباب الإخوان في فلسطين على السلاح.
- أوكل الإمام الشهيد للصاغ محمود لبيب مهمة الإصلاح بين منظمَتَي النجادة والفتوة، ونجح الصاغ لبيب في مهمته، وأصَرَّ عليه قادة المنظمتين للإشراف على تدريب أعضائهما ففعل.
- في عام 1946م عقد الإخوان في سوريا ولبنان مؤتمرهم السنوي السادس، وأعلنوا فيه عن تشكيل لجنة للدفاع عن فلسطين .. وفي 17 تشرين الأول / أكتوبر 1947م عقد الإخوان المسلمون في فلسطين مؤتمرًا لهم في حيفا، وأعلنوا فيه عن استعدادهم للجهاد دفاعًا عن فلسطين.
- في 15 كانون الأول / ديسمبر 1947م كانت جموع الإخوان بقيادة الإمام الشهيد تتظاهر في القاهرة انتصارًا لفلسطين ووقف الإمام البنَّا ليعلن بصوتٍ جهوري: " لبيك فلسطين..دماؤنا فداء فلسطين.. إنه إن كان ينقصنا السلاح فسنستخلصه من أعدائنا.. لقد تألبت الدنيا تريد أن تسلبنا حقنا، وقد عاهدنا الله تعالى أن نموت كرامًا أو نعيش كرامًا".
- في شهر أيار / مايو 1948م بعث الإمام الشهيد برقية إلى زعماء العرب المجتمعين في مدينة عالية بلبنان يؤكد فيها استعداد عشرة آلاف مجاهد من الإخوان المسلمين للاستشهاد في سبيل الله دفاعًا عن فلسطين.
وبدأت الحرب الحقيقية ففي شهر أيار / مايو 1948م انسحبت القوات البريطانية من فلسطين بعد أن دجَّجت العصابات اليهودية بالسلاح، وكان لا بد للمعركة أن تبدأ، فتدخلت الجيوش العربية التي كانت قياداتها تحت سيطرة الضباط الإنجليز المباشرة، ووحَّد الشعب نفسه بين نار العصابات اليهودية وبين تخاذل القيادات العربية الرسمية وخياناتها، ولم يجد له من نصير حقيقي غير التيار الإسلامي ممثلاً في جماعة الإخوان المسلمين، وكانت مشاركة الإخوان في تلك المرحلة على النحو التالي:
أ- إخوان فلسطين: شكَّل الإخوان الفلسطينيون مجموعات جهادية وخاصة في المناطق الشمالية والوسطى، حيث شنَّت هجمات على التجمعات اليهودية إما وحدها وإما بالتعاون مع المتطوعين من الجماعات الجهادية الفلسطينية الأخرى كالجهاد المقدس والنجادة والفتوة. وبعد وصول المجاهدين الإخوان من مصر والأردن وسوريا والعراق، انضمَّ إخوان فلسطين إليهم كل حسب المنطقة التي استقر الإخوان القادمون من الخارج فيها.
ب - الإخوان المصريون: تسلَّلت أول مجموعة من المجاهدين من إخوان مصر إلى فلسطين تحت ستار رحلة علمية إلى سيناء، وذلك في حيلة لعبور الحدود المصرية إلى فلسطين، حيث كانت الحكومة المصرية قد أصدرت أمرًا بمنع عبور المجاهدين إلى فلسطين، ووصلت المجموعة إلى فلسطين بعد دخول سيناء في شهر آذار/ مارس 1948م، أي قبل دخول الجيوش العربية إلى فلسطين، ثم ما لبثت أن لحقت بها مجموعات أخرى توزعت على جبهات غزة والخليل والوسط .. وخاض إخوان مصر أول معركة مواجهة مع اليهود في الساعة الثانية من فجر الرابع عشر من نيسان/ إبريل 1948م، حين هاجمت مجموعة بقيادة الشهيد يوسف طلعت مستعمرة كفار ديروم الحصينة، وقدم الإخوان في هذه المعركة 20 شهيدًا دون أن يُفْلِحوا في اقتحام المستعمرة، وعادوا ليهاجموا المستعمرة في فجر اليوم العاشر من أيار/ مايو 1948م بقيادة المجاهد أحمد لبيب الترجمان، وقدموا 70 شهيدًا في تلك المعركة، ولكنهم لم يفلحوا في اقتحامها أيضًا. ومن المعارك التي خاضها إخوان مصر معركة الاستيلاء على مستعمرة رامات راحيل، حين هاجمت مجموعة من مجاهدي الإخوان المستعمرة في منتصف ليل السادس والعشرين من أيار/ مايو 1948م، وتمكنت من الاستيلاء على المستعمرة الحصينة وقتلت في المعركة أكثر من 200 جندي يهودي ... كما خاض إخوان مصر معارك عديدة، من أهمها معركة استرداد موقع التَّبَّة رقم 86 بعد أن خسرها الجيش المصري، وكان هذا الموقع يشكِّل مقتلاً للجيش المصري فيما لو بقى اليهود فيه.
ولا أريد أن أسهب في الحديث عن جهاد إخوان مصر في هذه المرحلة. إذ يمكن الاطلاع على المزيد في المراجع التي تحدثت عن هذا الجهاد الميمون، ولكني أريد أن أتوقف عند الدور الخياني الذي لعبه ملك مصر الهالك فاروق وحكومته الواقعة تحت سيطرة الإنجليز في التآمر على إخوان مصر في الوقت الذي كان فيه مجاهدوهم يؤدون - نيابة عن شعب مصر - شرف الدفاع عن فلسطين.
ففي الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 1948م صدر القرار العسكري رقم 64 لعام 1948م القاضي بحل جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وبعد أيام من هذا القرار صدرت الأوامر للجيش المصري المرابط في غزَّة بجمع أسلحة المجاهدين من إخوان مصر .. وفي 12 شباط / فبراير 1949م صُعِقَ المجاهدون بخبر اغتيال الإمام الشهيد حسن البنَّا في وسط القاهرة في منتصف النهار .. وبعد يومين من اغتياله صدرت الأوامر باعتقال مجاهدي الإخوان المصريين، وزُجَّ بهم في معتقل رفح حتى 18 حزيران/ يونيو 1949م، حيث نُقِلُوا بعد ذلك إلى مصر مكبَّلين بالحديد ليقبعوا في سجون مصر من جديد.
ج - الإخوان السوريون والأردنيون والعراقيون: شارك الإخوان السوريون بقيادة المجاهد الدكتور مصطفى السباعي المراقب العام للإخوان في سوريا يومذاك، وكان لهم دور مهم في الدفاع عن القدس العربية، كما شارك الإخوان الأردنيون بقيادة المجاهد الحاج عبد اللطيف أبو قورة المراقب العام للإخوان المسلمين في الأردن يومذاك، وكان مقر قيادتهم في صور باهر قريبًا من القدس، وشارك عدد محدود من الإخوان العراقيين بقيادة المجاهد الشيخ محمد محمود الصَّوَّاف المراقب العام للإخوان في العراق يومذاك.
وينبغي الإشارة إلى مشاركة عدد من الإخوان المسلمين الليبيين، وعدد من المسلمين اليوغسلاف الذين استضافهم إخوان مصر بعد فرارهم من حكم الشيوعي تيتو، وكان لهؤلاء دور في تدريب الإخوان على فنون المتفجرات.
المرحلة الخامسة: ما بعد تأسيس الكيان الصهيوني
وهي ما بعد تأسيس الكيان الصهيوني فوق أرض فلسطين، بعد أن تكاتفت الخيانة الرسمية العربية مع الدعم الغربي والشرقي الشيوعي لإنجاح المشروع الصهيوني.
لعب التيار الإسلامي في هذه المرحلة دورًا مهمًّا في مواجهة الكيان الصهيوني، حيث انتقلت نشاطات الإخوان إلى مجالات جديدة من ميادين العمل السياسي والإعلامي والإعداد الجهادي، وقد تجلَّت هذه النشاطات وبالمقدار الذي كانت تسمح به الإمكانيات، خاصة في وقت كانت الجماعة الأم في مصر تَمُرُّ فيه بمحنة تمخضت عن اغتيال إمامها الشهيد، والزج بقيادات الجماعة وأعضائها - بعد حلها - في السجون والمعتقلات وذلك على النحو التالي:-
- لعب الإخوان في سوريا والأردن والعراق دورًا مهمًّا في رفع معنويات الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية بعد الإحباط الذي أصابهم إثر نجاح اليهود في إقامة دولتهم في الجزء الذي احتلوه من فلسطين، كما لعبوا دورًا مهمًّا في إبقاء جذوة القضية الفلسطينية، وتبنوا الدعوة إلى ضرورة انتهاج سبيل الجهاد كطريق وحيد لتحرير فلسطين، وقد تجلى هذا الدور في النشاطات التالية:
- تبنت صحافة الإخوان المتاحة حينذاك، "الكفاح الإسلامي" في الأردن، "المنار" و "الشهاب" في سوريا، "الأخوة الإسلامية" في العراق، "المسلمون" في مصر ودمشق وجنيف، "الإخوان المسلمون" في مصر ، وغيرها من الصحف المتعاطفة مع الإخوان، تبنَّت القضية الفلسطينية بكل أبعادها الإعلامية والإنسانية والسياسية والعقائدية.
- تعبيرًا عن اهتمام الإخوان المسلمين بقضية فلسطين، قام المرشد الصابر الأستاذ حسن الهضيبي بزيارة خاصة إلى الأجزاء التي لم تُحْتَل من فلسطين، وإلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن وسوريا ولبنان، وتمت الزيارة في شهر تموز/ يوليو 1954م، وشدَّد فضيلته في كل لقاءاته على اهتمام الجماعة بقضية فلسطين، ونقلت الصحافة الأردنية والسورية والمصرية واللبنانية تصريحاته ومنها على سبيل المثال: "إن الإخوان المسلمين في جميع البلاد الإسلامية يذكرون دائمًا فلسطين، ويذكرون جراح أهلها، وهي جراح في قلوبهم، وإنهم يشاركون الفلسطينيين العمل لتحقيق الأمل في استرداد بلادهم الحبيبة".. "فلسطين لن تعود إلى أهلها إلا بمثل القوة التي سلبت بها، وقد يتراءى ذلك بعيدًا لبعض ذوي الهمم الضعيفة، ولكن الحق لا بد أن ينتصر".
- خصصت صحيفة "الشهاب" الإخوانية (سوريا) عددها رقم 45 الصادر في 5 شعبان 1375هـ (1955م)، للحديث عن الخطر الصهيوني.
- عقد الإخوان المسلمون في مصر مؤتمرًا شعبيًّا في السادس من تموز/ يوليو 1954م انتصارًا لقضية فلسطين شارك فيه مفتي فلسطين الشيخ أمين الحسيني.
- شارك قادة الإخوان الأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة (الأردن)، والدكتور مصطفى السباعي (سوريا)، والأستاذ محمد محمود الصواف (العراق) في مظاهرة عارمة في دمشق يوم 12 شعبان 1375هـ، انتصارًا لفلسطين بمناسبة أسبوع الخطر الصهيوني الذي نظمه إخوان سوريا.
- كان لقضية فلسطين مكانها البارز في اهتمامات جميع الاجتماعات التي عقدها المكتب التنفيذي لقادة الإخوان في البلاد العربية، وكمثال على هذا الاهتمام نشير إلى هذه الفقرات من بيان المكتب التنفيذي لقادة الإخوان في البلاد العربية إثر اجتماعه في 5 نيسان / إبريل 1956م " … لن نقبل تهويد فلسطين، ولا ضياع الأقصى المبارك، ولن نخضع لأمر الواقع، ويجب أن يستمر الجهاد حتى ولو استغرق قرنًا أو قرنين، أو حتى قيام الساعة، فما تطيب لنا حياة إذا فقدنا مقدساتنا وبقينا بلا دين ولا أرض ولا تاريخ ".
- عندما شنَّت بريطانيا وفرنسا ودولة الكيان الصهيوني هجومًا ثلاثيًّا على غزة ومصر ، امتشق إخوان غزة سلاحهم وتصدوا لليهود، كما شارك إخوان مصر في قتال اليهود والبريطانيين والفرنسيين في بور سعيد والإسماعيلية، وكانت إذاعة العدوان التي تبث من قبرص تحذر جنود العدوان ممن أسمتهم "شياطين الإخوان المسلمين".
- حين بدأ العمل الفدائي المسلح ضد الكيان الصهيوني شارك الإخوان المسلمون من جميع البلدان العربية، خاصة مصر والأردن والسودان وسوريا والعراق واليمن في العمل الفدائي تحت مظلة "فتح" التي كانت يومذاك قريبة من الإخوان، وقام الإخوان بأنجح العمليات الفدائية، وقدموا عددًا من الشهداء منهم المهندس صلاح حسن (مصري) والقائد الركن محمد سعيد باعباد (يمني) والشاب عمود برقاوي (فلسطين) والطالب رضوان كريشان (أردني) .. وكان الشهيد الدكتور عبد الله عزام من أبرز قادة الإخوان في العمل الفدائي .. واستمر الإخوان بعد توقف العمل الفدائي في بذل كل جهد ممكن - حسب ظروفهم - في جميع الميادين السياسية والإعلامية .
المرحلة السادسة: ما بعد كامب ديفيد
وهي مرحلة ما بعد عقد معاهدة كامب ديفد، وقد تمثل دور التيار الإسلامي الذي يشكل الإخوان المسلمون عموده الفقري في التصدي لهذا الانحراف الذي تمثله هذه المعاهدة، ونشطوا في جميع الميادين الجهادية والسياسية والإعلامية والعقائدية، في مواجهة هذا الانحراف، وتمثلت هذه النشاطات فيما يلي:-
- تصدِّي الإخوان في مصر لمعاهدة كامب ديفيد، وكان لهم تأثير في إفشال كل محاولات التطبيع الشعبي مع اليهود، وقد عبرت عن زيادة الإخوان في قيادة المعارضة للمعاهدة، صحيفة "الشرق الأوسط" الصادرة في لندن في 5/7/1979م حين نشرت تحليلاً سياسيًّا بعنوان: "الإخوان المسلمون في مصر.. نشاط متزايد ورفض مطلق للمعاهدة مع إسرائيل" ..
- حين بدأت منظمة التحرير الفلسطينية انحرافها بدأ الإخوان المسلمون في إعداد أنفسهم للتصدي لهذا الانحراف، ولم يلبث هذا الإعداد أن تمخض عن الإعلان عن ولادة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في الرابع عشر من كانون الثاني/ يناير 1987م، بعد أسبوع واحد من اندلاع الانتفاضة الجماهيرية الفلسطينية، وانطلقت حماس بعد أن أعلنت عن تشرفها بأنها ذراع من أذرع جماعة الإخوان المسلمين ، لتكون امتدادًا مباركًا لجهاد الأوائل من أبطال جماعة الإخوان المسلمين على أرض فلسطين ... وهاهي "حماس" تؤكد يومًا بعد يوم وجودها على أرض فلسطين، رائدة وقائدة حقيقية للشعب الفلسطيني .. وهاهي حماس الثمرة الطيبة من ثمار شجرة الإخوان المسلمين، تصبح الهاجس الذي يطرد النوم من عيون دهاقنة الصهيونية.
- وكما وقف الإخوان المسلمون في فلسطين من خلال حركة "حماس" ضد معاهدة أوسلو الفلسطينية - اليهودية .. فقد وقف الإخوان المسلمون في الأردن ضد المعاهدة الأردنية - اليهودية، وهاهم يشكلون القيادة الحقيقية للمعارضة الجماهيرية لهذه المعاهدة، بقبول وعن اقتناع من جميع القوى والأحزاب المعارضة للمعاهدة.
وبعد.. فإن المعركة ما زالت مستمرة، وما زالت مراحلها تتلاحق، ومثلما كان للتيار الإسلامي - وخاصة لطليعته جماعة الإخوان المسلمين - دور في كل مرحلة، فسيكون للتيار الإسلامي بكل لافتاته وأسمائه، وفي طليعته جماعة الإخوان المسلمين، دور في كل مرحلة مقبلة بإذن الله، إلى أن يتحقق وعد الله ووعيده في بني إسرائيل .
{ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وَجَوْهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوْهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوا تَتْبِيْرًا } [الإسراء: 7
دور التيار الإسلامي في الصراع ضد الصهيونية
يمكن تقسيم مراحل الصراع بين المسلمين عربًا وغير عرب، وبين اليهود وحلفائهم على النحو التالي:
المرحلة الأولى: تأسيس الحركة الصهيونية :
حيث تم تأسيس الحركة الصهيونية المستندة إلى فكرة القومية اليهودية، والمتبنية لمشروع إقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين (دولة إسرائيل).. ففي النصف الثاني من القرن التاسع عشر تبنى عدد من المفكرين اليهود الدعوة إلى تكوين قومية يهودية، وبلور هذه الدعوة المفكر اليهودي الروسي "بينسكر" في كتابه "التحرير الذاتي" الذي أصدره في عام 1882م، ولكن هذه الدعوة قوبلت بالرفض والمعارضة من بعض المفكرين اليهود المتدينين، وتبلورت هذه المعارضة في المؤتمر الوطني العام لممثلي الدين الإصلاحي اليهودي الذي انعقد في مدينة بيتسبورغ بالولايات المتحدة في عام 1885م، حيث أصدر بيانًا يرفض فيه فكرة العودة إلى فلسطين معلنًا أن أمريكا هي "صهيوننا".
ولكن هذه المعارضة لم تصمد طويلاً، فقد انبرى ثيودور هرتزل إلى إذكاء نيران الفكرة الصهيونية في كتابه "الدولة اليهودية" الذي أصدره في عام 1895م، حيث دعا فيه جهارًا إلى تأسيس دولة إسرائيل على أرض فلسطين، ثم تبع ذلك انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بال السويسرية برئاسة هرتزل في عام 1897م، حيث تكرَّسَت في هذا المؤتمر الفكرة الصهيونية، وأخذت الحركة الصهيونية شكلها الحركي والتنظيمي بعد أن هزمت فكرة إقامة الوطن القومي اليهودي- أي دولة إسرائيل في فلسطين - جميع الاقتراحات الأخرى الداعية إلى إقامتها في أوغندا أو الأرجنتين وغيرها.
المرحلة الثانية: تنفيذ مقررات مؤتمر بال :
وهي مرحلة التمهيد لتنفيذ مقررات مؤتمر بال. وقد اتخذت هذه المرحلة مَنْحَيَيْن:
الأول في اتجاه إيجاد ثقل ديمغرافي لليهود في فلسطين من خلال تشجيع الهجرة اليهودية إليها..
والثاني في اتجاه الحصول على اعتراف دولي يضفي شرعية على الفكرة الصهيونية ومشروعها لإقامة دولة (إسرائيل) في فلسطين.
دور التيار الإسلامي :
مثَّلت الدولة العثمانية الإسلامية التيار الإٍسلامي في مواجهة الاتجاه الأول من هذه المرحلة.. فقد جاءت أول محاولة صهيونية لتهجير اليهود إلى فلسطين في عام 1850م على شكل مشروع وضعه الصهيوني البريطاني "إيرل. إن. شانتري"، وتبناه وقدمه إلى الدولة العثمانية وزير خارجية بريطانيا "بانشتون"، ولكن الخليفة العثماني المسلم عبد المجيد خان - والد عبد الحميد الثاني - رفض المشروع بحزم .. وعندما انفضح دور اليهود في المؤامرة على قيصر روسيا إسكندر الثاني عام 1881م، تقدمت منظمة "أحباء صهيون" باسترحام للخليفة العثماني عبد الحميد الثاني للسماح ليهود روسيا المضطهدين بسبب تآمرهم على القيصر بالهجرة إلى فلسطين، فكان جواب السلطان حازمًا بالرفض ... وفي عام 1892م حاول بعض اليهود الألمان الاستيطان في منطقة الساحل الشرقي لخليج العقبة، وأقاموا مستوطنة لهم في "المويلح"، فأصدر السلطان أمرًا في 16 شباط/ فبراير 1892م لقواته المرابطة في السعودية بإعادة المستوطنين اليهود من حيث أتوا... ثم بدأت محاولات هرتزل بعد مؤتمر بال لإغراء وإغواء السلطان عبد الحميد بكل وسائل الإغراء والإغواء، ومستغلاً وساطة العشرات من الزعماء الأوروبيين لدى السلطان لثنيه عن موقفه الرافض لفتح باب الهجرة اليهودية إلى فلسطين. ولا أريد أن أفصل كثيرًا فيما جرى من صراعات بين السلطان عبد الحميد وهرتزل حول هذا الأمر، فمجال ذلك في الكتب الكثيرة التي تحدثت عن هذه الصراعات، ولكنني أريد أن أَخْـلُصَ إلى القول بأن الدولة العثمانية وخليفتها عبد الحميد الثاني دفعا ثمنًا غاليًا مقابل الموقف الإسلامي الصلب ضد الهجرة اليهودية، حيث استطاع اليهود في نهاية المطاف اجتياز هذه العقبة الكؤود المتمثلة في الدولة العثمانية وخليفتها السلطان عبد الحميد حين تمكنت المحافل الماسونية من الإجهاز عليه وخلعه من الخلافة في عام 1908م، وتسليم زمام أمور الدولة العثمانية إلى الماسونيين من زعماء حزب الاتحاد والترقي.
ولكن مع كل ذلك فإن دور السلطان عبد الحميد كممثل للضمير الإسلامي الصادق لا يمكن أن يُنسى في مواجهة المخططات الصهيونية ضد فلسطين.
ومن الإنصاف أن أشير إلى أن فلسطين بعد إزاحة السلطان عبد الحميد، كانت من نصيب أهل فلسطين بقيادة العلماء، وبدعم معنوي متقطع من الشعوب العربية والإسلامية التي كان كل شعب منها منشغلاً بهمومه، كما كان لفتاوى علماء المسلمين بتحريم بيع الأراضي والعقارات لليهود تأثير في إعاقة عملية الهجرة ... ولقد بذل أهل فلسطين بأغلبيتهم المسلمة كل ما يستطيعون من جهد في مواجهة الهجرة اليهودية، وقاموا بصراعات مريرة على كافة الجبهات السياسية والعسكرية والإعلامية من أجل ذلك، ولعل أبرز محطات دَور التيار الإٍسلامي في هذه المرحلة يمكن تلخيصها على النحو الآتي:
1- كانت أول مواجهة دموية بين المسلمين واليهود في الرابع من نيسان / إبريل 1920م، عندما اعترض اليهود موكبًا للمسلمين متجهًا للاحتفال بموسم النبي موسى عليه السلام، وهو احتفال تقليدي دأب المسلمون في فلسطين على تنظيمه سنويًّا، وحاول اليهود إهانة الأعلام التي يحملها المسلمون، فجرت مشادة لم تلبث أن تحولت إلى معركة بالسلاح، ثم لم يلبث أن انضم الجنود الإنجليز إلى جانب اليهود فسقط من اليهود تسعة قتلى ومن المسلمين أربعة شهداء.
2- كان قد سبق تلك المواجهة الدموية انعقاد مؤتمر وطني فلسطيني في الخامس من آذار/ مارس 1919م أعلن فيه الفلسطينيون بأغلبيتهم المسلمة رفضهم لوعد بلفور، ورفضهم للهجرة اليهودية إلى فلسطين.
3- توالت المؤتمرات الوطنية التي كان يغلب عليها التوجه الإسلامي، والتي كان يشرف على تنظيمها الإسلاميون خاصة الشيخ أمين الحسيني مفتي فلسطين، كما توالت الوفود السياسية في زيارات إلى العواصم الأوروبية لإبراز الرفض الفلسطيني للهجرة اليهودية إلى فلسطين، ولإبراز الرفض لوعد بلفور.
أما الاتجاه الثاني في هذه المرحلة - وهو الحصول على اعتراف دولي بالفكرة الصهيونية - فقد تمكن اليهود من خلال إقناعهم للحكومة البريطانية بأسلوب ابتزازي، من إصدار وعد على لسان وزير خارجية بريطانيا "بلفور" في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1917م، يتعهد بمساعدة اليهود على إقامة وطن قومي لهم في فلسطين، فاكتسبت الفكرة الصهيونية ومشروعها لإقامة "دولة إسرائيل" اعترافًا دوليًّا، ولم تلبث فرنسا والولايات المتحدة وغيرهما من الدول الغربية أن سارعت لإصدار تعهدات مماثلة.
المرحلة الثالثة: تعزيز الوجود اليهودي في فلسطين
وتأتي بعد تعزيز الوجود اليهودي في فلسطين وتأسيس العصابات اليهودية العسكرية لحماية الوجود اليهودي من جهة، ولتُكَوِّن نواة للجيش الذي ستناط به مهمة إقامة "دولة إسرائيل" في فلسطين.
تجلى دور التيار الإسلامي في مواجهة تزايد الوجود اليهودي ومواجهة العصابات اليهودية، في العديد من الانتفاضات والثورات والنشاطات الجهادية ، أذكر منها ما يلي:
أ- ثورة البُراق: ففي يوم العشرين من آب / أغسطس 1929م اندلعت معركة عنيفة بين المسلمين واليهود والبريطانيين إثر محاولة اليهود الاستيلاء على حائط البراق الشريف، واستمرت المعركة داخل القدس، وعلى مقربة من حائط البراق الذي يسميه اليهود "المَبْكَى" حتى مساء 23 آب / أغسطس وقتل من اليهود 28، واستشهد 13 من المسلمين، ثم انتقل القتال إلى أنحاء أخرى من فلسطين مما اضطر الإنجليز إلى جلب إمدادات من خارج فلسطين، واستعانوا بالطائرات، وزوَّدوا العصابات اليهودية بالسلاح، واستمرت الثورة 15 يومًا قتل وجرح فيها 472 يهوديًّا، واستشهد وجرح 338 مسلمًا. وأعقب الثورة حملة من الاعتقالات، وصدرت أحكام بإعدام 20 من الثُوَّار المسلمين، ونُفِّذَ الحكم في ثلاثة منهم في يوم الثلاثاء 17 حزيران / يونيو 1930م وهم : فؤاد حجازي، وعطا الزير، ومحمد جمجوم ... وأثارت هذه الأحكام وما أعقبها من إجراءات قمعية ضد عرب فلسطين، ردود فعل في الوطن الإسلامي، وجاء أول رد فعل عملي في تنادي علماء المسلمين في فلسطين إلى عقد مؤتمر إسلامي عالمي في القدس لنصرة الشعب الفلسطيني المسلم، وانعقد المؤتمر في ليلة الإسراء والمعراج 4 كانون الأول/ ديسمبر 1931م، وشارك فيه ممثلون للمسلمين من 22 قطرًا.
ب - ثورة الشهيد عز الدين القسَّام: يمكننا القول إن ثورة الشيخ عز الدين القسَّام- السوري المنبت - كانت أول رد فعل حركي منظم يمثل التيار الإسلامي في الصراع ضد اليهود في فلسطين، فقد كانت ثورته وليدة جهود منظَّمة أشرف عليها الشهيد القسَّام لتجميع الإسلاميين حول فكرة الجهاد، منطلقًا بدعوته من مسجد الاستقلال في حيفا، لينتقل بعد ذلك إلى منطقة جنين ونابلس وطولكرم، لتكون مسرحًا لعملياته الجهادية ضد الإنجليز حماة اليهود، وضد العصابات اليهودية، متخذًا من غابات "يَعْبَد" مقرًّا لقيادته. ولكن القوة الغاشمة غلبت الفئة المؤمنة، ففي الخامس والعشرين من تشرين الثاني / نوفمبر من عام 1935م ارتقى شهيدنا القسَّام وعدد من إخوانه المجاهدين إلى جنان الخلد شهداء في سبيل الله دفاعًا عن أرض فلسطين المسلمة بعد حصار مُحْكم فرضته القوات البريطانية، وبعد معركة دامية أبلى فيها المجاهدون بلاءً حسنًا.
ج - ثورة عام 1936م: لم تذهب دماء شهيدنا القسَّام ودماء إخوانه هدرًا، بل كانت الجذوة التي زادت من ثورة أهل فلسطين بتحريض من العلماء المسلمين، فما كادت تمضي أشهر قليلة على استشهاد القسَّام وإخوانه حتى اندلعت في العشرين من نيسان/ إبريل 1936م ثورة جهادية انطلقت من يافا إلى القدس والخليل وحيفا، ثم لم تلبث أن شملت كل مدن وقرى فلسطين، وشهدت بطاح فلسطين طوال أشهر أيار/ مايو وحزيران/ يونيو وآب/ أغسطس وأيلول/ سبتمبر، وحتى منتصف تشرين الأول/ أكتوبر، معارك جهادية ضد البريطانيين واليهود كان من أشهرها معارك بلعا وترشيحا وجبع، ولم تتوقف الثورة إلا بعد أن انخدع أهل فلسطين بنداء من بعض ملوك العرب يطلبون إليهم إيقاف ثورتهم والاعتماد على حسن نوايا الحليفة بريطانيا، فما إن أوقفوا ثورتهم حتى شددت بريطانيا الخناق عليهم، وأمْعَنَت في تزويد اليهود بالسلاح.
وقد جاء رد الفعل الأقوى انتصارًا لثورة أهل فلسطين عام 1936م من خارج فلسطين، من جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وكان على النحو التالي:
- في شهر آذار/ مارس 1936م، قررت الهيئة التأسيسية للجماعة في اجتماع استثنائي تشكيل لجنة مركزية لمساعدة شعب فلسطين برئاسة الإمام الشهيد حسن البنَّا.
- في 18 أيار/ مايو 1936م، بعث الإمام الشهيد برقية إلى مفتي فلسطين الشيخ أمين الحسيني يؤكد فيها وقوف الإخوان إلى جانب إخوانهم أهل فلسطين.
- وجه الإمام الشهيد رسالة إلى لجنة جمع التبرعات لمساعدة الحبشة، يطلب تحويل جزء من الأموال التي جمعت لمساعدة شعب فلسطين.
- دعا مكتب إرشاد الجماعة في مصر، الإخوان المسلمين خاصة والأمة المسلمة عامة، للقنوت في كل صلاة والدعاء بالنصر لشعب فلسطين في ثورته ضد الإنجليز واليهود.
- أسس الإمام البنَّا صندوقًا أسماه صندوق قرش فلسطين، ودعا كل مصري إلى التبرع بقرش لمساعدة إخوانه في فلسطين كحد أدنى، واشترى بما تجمع في الصندوق سلاحًا وعتادًا أرسلها سرًّا إلى المجاهدين في فلسطين.
- نظَّم الإخوان حملة شارك فيها آلاف من دعاة وشباب الإخوان جابوا كل أنحاء مصر لتعريف الشعب المصري بقضية فلسطين وجمع التبرعات لمساعدته.
- وجَّه الإخوان نداءات تدعو المصريين لمقاطعة المصانع والمتاجر التي يملكها يهود في مصر، مؤكدين أن كل قرش يُدفع لهؤلاء يتحول إلى رصاصة تقتل مسلمًا فلسطينيًّا.
- وزَّع الإخوان مئات الآلاف من المنشورات والكتب التي تفضح إجراءات الإنجليز القمعية ضد شعب فلسطين، ومن هذه الكتب كتاب "النَّار والدمار في فلسطين" الذي أصدرته اللجنة العربية العليا لفلسطين، واعتقل الإمام الشهيد بعد توزيعه.
د- ثورة أعوام 1937م، 1938م، 1939م: لم تفتّ النكسة التي واجهتها ثورة 1936م بسبب انخداعها بنداء بعض ملوك العرب في حماس أهل فلسطين، إذ لم تنقضِ أشهر حتى كانت جذوة الثورة قد اتقدت من جديد بقيادة العلماء كالشيخ أمين الحسيني مفتي فلسطين، والشيخ فرحان السعدي، والشيخ أبو الفيلات، وشهدت هذه الثورات بطولات فردية نادرة قام بها المجاهدون وأدت إلى مقتل العديد من ضباط الإنجليز ومنهم حاكم لواء الجليل أندروز، ومساعده جوردن، والضابط العربي الخائن حليم بسطا، وحاكم جنين موفات، وشهدت سنوات 37 و38 و39م، معارك عنيفة خاضها المجاهدون ضد الإنجليز والعصابات اليهودية لا مجال لذكر تفاصيلها الآن.
ولم يقف الإمام الشهيد حسن البنَّا مكتوف اليدين أمام هذه التطورات، بل صعَّد من نشاطاته في دعم إخوانه في فلسطين، وتمثلت نشاطات جماعة الإخوان المسلمين في تلك المرحلة فيما يلي:
- في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1937م وجَّه مكتب إرشاد الجماعة مذكرة احتجاج للسفير البريطاني في القاهرة ضد وعد بلفور، مؤكدًا وقوف الإخوان إلى جانب إخوانهم شعب فلسطين.
- في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 1937م قاد الإمام البنَّا مظاهرة ضخمة في القاهرة انتصارًا لقضية فلسطين، في نفس الوقت الذي كانت فيه عشرات المظاهرات التي يقودها الإخوان تجوب كبرى المدن المصرية.
- عقد الإمام الشهيد مؤتمرًا شعبيًّا أسماه "المؤتمر الشعبي العربي لنصرة فلسطين"، وانعقد المؤتمر في سرايا آل لطف الله بالقاهرة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 1938م.
المرحلة الرابعة: المواجهة العسكرية المباشرة
وهي مرحلة المواجهة العسكرية المباشرة مع اليهود وراعِيَتِهم - آنذاك - دولة بريطانيا العظمى ... فمع بداية عقد الأربعينيات أصبح واضحًا أن الصراع أخذ يتجه نحو مواجهة عسكرية مباشرة مع اليهود .. وكان التيار الإسلامي داخل فلسطين وخارجه من أوائل المنتبهين لهذه الحقيقة، وكان لا بد أن يكون له دور في مواجهة هذه المرحلة الحاسمة، وهي مرحلة الاحتكاك العسكري المباشر، وقد تجلى دور التيار الإسلامي على النحو التالي:
- أدرك الإمام الشهيد حسن البنَّا ضرورة وجود نواة قوية للجماعة داخل فلسطين وفي الأقطار المجاورة لها لتكون على استعداد تام للقيام بواجبها الجهادي حين يَجِدُّ الجَدُّ .. ولذلك فقد عمد إلى إرسال عدد من دعاة الإخوان المسلمين إلى فلسطين وشرقي الأردن وسوريا ولبنان .. لنشر الدعوة فيها، ولم يكد عقد الأربعينيات ينتصف حتى كان للإخوان وجود حقيقي وقوي في هذه البلدان.
- بعد أن انتشرت تنظيمات الجماعة في فلسطين وما حولها، عَمَدَ الإمام الشهيد إلى إرسال عدد من المدربين العسكريين بقيادة الصَّاغ محمود لبيب لتدريب شباب الإخوان في فلسطين على السلاح.
- أوكل الإمام الشهيد للصاغ محمود لبيب مهمة الإصلاح بين منظمَتَي النجادة والفتوة، ونجح الصاغ لبيب في مهمته، وأصَرَّ عليه قادة المنظمتين للإشراف على تدريب أعضائهما ففعل.
- في عام 1946م عقد الإخوان في سوريا ولبنان مؤتمرهم السنوي السادس، وأعلنوا فيه عن تشكيل لجنة للدفاع عن فلسطين .. وفي 17 تشرين الأول / أكتوبر 1947م عقد الإخوان المسلمون في فلسطين مؤتمرًا لهم في حيفا، وأعلنوا فيه عن استعدادهم للجهاد دفاعًا عن فلسطين.
- في 15 كانون الأول / ديسمبر 1947م كانت جموع الإخوان بقيادة الإمام الشهيد تتظاهر في القاهرة انتصارًا لفلسطين ووقف الإمام البنَّا ليعلن بصوتٍ جهوري: " لبيك فلسطين..دماؤنا فداء فلسطين.. إنه إن كان ينقصنا السلاح فسنستخلصه من أعدائنا.. لقد تألبت الدنيا تريد أن تسلبنا حقنا، وقد عاهدنا الله تعالى أن نموت كرامًا أو نعيش كرامًا".
- في شهر أيار / مايو 1948م بعث الإمام الشهيد برقية إلى زعماء العرب المجتمعين في مدينة عالية بلبنان يؤكد فيها استعداد عشرة آلاف مجاهد من الإخوان المسلمين للاستشهاد في سبيل الله دفاعًا عن فلسطين.
وبدأت الحرب الحقيقية ففي شهر أيار / مايو 1948م انسحبت القوات البريطانية من فلسطين بعد أن دجَّجت العصابات اليهودية بالسلاح، وكان لا بد للمعركة أن تبدأ، فتدخلت الجيوش العربية التي كانت قياداتها تحت سيطرة الضباط الإنجليز المباشرة، ووحَّد الشعب نفسه بين نار العصابات اليهودية وبين تخاذل القيادات العربية الرسمية وخياناتها، ولم يجد له من نصير حقيقي غير التيار الإسلامي ممثلاً في جماعة الإخوان المسلمين، وكانت مشاركة الإخوان في تلك المرحلة على النحو التالي:
أ- إخوان فلسطين: شكَّل الإخوان الفلسطينيون مجموعات جهادية وخاصة في المناطق الشمالية والوسطى، حيث شنَّت هجمات على التجمعات اليهودية إما وحدها وإما بالتعاون مع المتطوعين من الجماعات الجهادية الفلسطينية الأخرى كالجهاد المقدس والنجادة والفتوة. وبعد وصول المجاهدين الإخوان من مصر والأردن وسوريا والعراق، انضمَّ إخوان فلسطين إليهم كل حسب المنطقة التي استقر الإخوان القادمون من الخارج فيها.
ب - الإخوان المصريون: تسلَّلت أول مجموعة من المجاهدين من إخوان مصر إلى فلسطين تحت ستار رحلة علمية إلى سيناء، وذلك في حيلة لعبور الحدود المصرية إلى فلسطين، حيث كانت الحكومة المصرية قد أصدرت أمرًا بمنع عبور المجاهدين إلى فلسطين، ووصلت المجموعة إلى فلسطين بعد دخول سيناء في شهر آذار/ مارس 1948م، أي قبل دخول الجيوش العربية إلى فلسطين، ثم ما لبثت أن لحقت بها مجموعات أخرى توزعت على جبهات غزة والخليل والوسط .. وخاض إخوان مصر أول معركة مواجهة مع اليهود في الساعة الثانية من فجر الرابع عشر من نيسان/ إبريل 1948م، حين هاجمت مجموعة بقيادة الشهيد يوسف طلعت مستعمرة كفار ديروم الحصينة، وقدم الإخوان في هذه المعركة 20 شهيدًا دون أن يُفْلِحوا في اقتحام المستعمرة، وعادوا ليهاجموا المستعمرة في فجر اليوم العاشر من أيار/ مايو 1948م بقيادة المجاهد أحمد لبيب الترجمان، وقدموا 70 شهيدًا في تلك المعركة، ولكنهم لم يفلحوا في اقتحامها أيضًا. ومن المعارك التي خاضها إخوان مصر معركة الاستيلاء على مستعمرة رامات راحيل، حين هاجمت مجموعة من مجاهدي الإخوان المستعمرة في منتصف ليل السادس والعشرين من أيار/ مايو 1948م، وتمكنت من الاستيلاء على المستعمرة الحصينة وقتلت في المعركة أكثر من 200 جندي يهودي ... كما خاض إخوان مصر معارك عديدة، من أهمها معركة استرداد موقع التَّبَّة رقم 86 بعد أن خسرها الجيش المصري، وكان هذا الموقع يشكِّل مقتلاً للجيش المصري فيما لو بقى اليهود فيه.
ولا أريد أن أسهب في الحديث عن جهاد إخوان مصر في هذه المرحلة. إذ يمكن الاطلاع على المزيد في المراجع التي تحدثت عن هذا الجهاد الميمون، ولكني أريد أن أتوقف عند الدور الخياني الذي لعبه ملك مصر الهالك فاروق وحكومته الواقعة تحت سيطرة الإنجليز في التآمر على إخوان مصر في الوقت الذي كان فيه مجاهدوهم يؤدون - نيابة عن شعب مصر - شرف الدفاع عن فلسطين.
ففي الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 1948م صدر القرار العسكري رقم 64 لعام 1948م القاضي بحل جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وبعد أيام من هذا القرار صدرت الأوامر للجيش المصري المرابط في غزَّة بجمع أسلحة المجاهدين من إخوان مصر .. وفي 12 شباط / فبراير 1949م صُعِقَ المجاهدون بخبر اغتيال الإمام الشهيد حسن البنَّا في وسط القاهرة في منتصف النهار .. وبعد يومين من اغتياله صدرت الأوامر باعتقال مجاهدي الإخوان المصريين، وزُجَّ بهم في معتقل رفح حتى 18 حزيران/ يونيو 1949م، حيث نُقِلُوا بعد ذلك إلى مصر مكبَّلين بالحديد ليقبعوا في سجون مصر من جديد.
ج - الإخوان السوريون والأردنيون والعراقيون: شارك الإخوان السوريون بقيادة المجاهد الدكتور مصطفى السباعي المراقب العام للإخوان في سوريا يومذاك، وكان لهم دور مهم في الدفاع عن القدس العربية، كما شارك الإخوان الأردنيون بقيادة المجاهد الحاج عبد اللطيف أبو قورة المراقب العام للإخوان المسلمين في الأردن يومذاك، وكان مقر قيادتهم في صور باهر قريبًا من القدس، وشارك عدد محدود من الإخوان العراقيين بقيادة المجاهد الشيخ محمد محمود الصَّوَّاف المراقب العام للإخوان في العراق يومذاك.
وينبغي الإشارة إلى مشاركة عدد من الإخوان المسلمين الليبيين، وعدد من المسلمين اليوغسلاف الذين استضافهم إخوان مصر بعد فرارهم من حكم الشيوعي تيتو، وكان لهؤلاء دور في تدريب الإخوان على فنون المتفجرات.
المرحلة الخامسة: ما بعد تأسيس الكيان الصهيوني
وهي ما بعد تأسيس الكيان الصهيوني فوق أرض فلسطين، بعد أن تكاتفت الخيانة الرسمية العربية مع الدعم الغربي والشرقي الشيوعي لإنجاح المشروع الصهيوني.
لعب التيار الإسلامي في هذه المرحلة دورًا مهمًّا في مواجهة الكيان الصهيوني، حيث انتقلت نشاطات الإخوان إلى مجالات جديدة من ميادين العمل السياسي والإعلامي والإعداد الجهادي، وقد تجلَّت هذه النشاطات وبالمقدار الذي كانت تسمح به الإمكانيات، خاصة في وقت كانت الجماعة الأم في مصر تَمُرُّ فيه بمحنة تمخضت عن اغتيال إمامها الشهيد، والزج بقيادات الجماعة وأعضائها - بعد حلها - في السجون والمعتقلات وذلك على النحو التالي:-
- لعب الإخوان في سوريا والأردن والعراق دورًا مهمًّا في رفع معنويات الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية بعد الإحباط الذي أصابهم إثر نجاح اليهود في إقامة دولتهم في الجزء الذي احتلوه من فلسطين، كما لعبوا دورًا مهمًّا في إبقاء جذوة القضية الفلسطينية، وتبنوا الدعوة إلى ضرورة انتهاج سبيل الجهاد كطريق وحيد لتحرير فلسطين، وقد تجلى هذا الدور في النشاطات التالية:
- تبنت صحافة الإخوان المتاحة حينذاك، "الكفاح الإسلامي" في الأردن، "المنار" و "الشهاب" في سوريا، "الأخوة الإسلامية" في العراق، "المسلمون" في مصر ودمشق وجنيف، "الإخوان المسلمون" في مصر ، وغيرها من الصحف المتعاطفة مع الإخوان، تبنَّت القضية الفلسطينية بكل أبعادها الإعلامية والإنسانية والسياسية والعقائدية.
- تعبيرًا عن اهتمام الإخوان المسلمين بقضية فلسطين، قام المرشد الصابر الأستاذ حسن الهضيبي بزيارة خاصة إلى الأجزاء التي لم تُحْتَل من فلسطين، وإلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن وسوريا ولبنان، وتمت الزيارة في شهر تموز/ يوليو 1954م، وشدَّد فضيلته في كل لقاءاته على اهتمام الجماعة بقضية فلسطين، ونقلت الصحافة الأردنية والسورية والمصرية واللبنانية تصريحاته ومنها على سبيل المثال: "إن الإخوان المسلمين في جميع البلاد الإسلامية يذكرون دائمًا فلسطين، ويذكرون جراح أهلها، وهي جراح في قلوبهم، وإنهم يشاركون الفلسطينيين العمل لتحقيق الأمل في استرداد بلادهم الحبيبة".. "فلسطين لن تعود إلى أهلها إلا بمثل القوة التي سلبت بها، وقد يتراءى ذلك بعيدًا لبعض ذوي الهمم الضعيفة، ولكن الحق لا بد أن ينتصر".
- خصصت صحيفة "الشهاب" الإخوانية (سوريا) عددها رقم 45 الصادر في 5 شعبان 1375هـ (1955م)، للحديث عن الخطر الصهيوني.
- عقد الإخوان المسلمون في مصر مؤتمرًا شعبيًّا في السادس من تموز/ يوليو 1954م انتصارًا لقضية فلسطين شارك فيه مفتي فلسطين الشيخ أمين الحسيني.
- شارك قادة الإخوان الأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة (الأردن)، والدكتور مصطفى السباعي (سوريا)، والأستاذ محمد محمود الصواف (العراق) في مظاهرة عارمة في دمشق يوم 12 شعبان 1375هـ، انتصارًا لفلسطين بمناسبة أسبوع الخطر الصهيوني الذي نظمه إخوان سوريا.
- كان لقضية فلسطين مكانها البارز في اهتمامات جميع الاجتماعات التي عقدها المكتب التنفيذي لقادة الإخوان في البلاد العربية، وكمثال على هذا الاهتمام نشير إلى هذه الفقرات من بيان المكتب التنفيذي لقادة الإخوان في البلاد العربية إثر اجتماعه في 5 نيسان / إبريل 1956م " … لن نقبل تهويد فلسطين، ولا ضياع الأقصى المبارك، ولن نخضع لأمر الواقع، ويجب أن يستمر الجهاد حتى ولو استغرق قرنًا أو قرنين، أو حتى قيام الساعة، فما تطيب لنا حياة إذا فقدنا مقدساتنا وبقينا بلا دين ولا أرض ولا تاريخ ".
- عندما شنَّت بريطانيا وفرنسا ودولة الكيان الصهيوني هجومًا ثلاثيًّا على غزة ومصر ، امتشق إخوان غزة سلاحهم وتصدوا لليهود، كما شارك إخوان مصر في قتال اليهود والبريطانيين والفرنسيين في بور سعيد والإسماعيلية، وكانت إذاعة العدوان التي تبث من قبرص تحذر جنود العدوان ممن أسمتهم "شياطين الإخوان المسلمين".
- حين بدأ العمل الفدائي المسلح ضد الكيان الصهيوني شارك الإخوان المسلمون من جميع البلدان العربية، خاصة مصر والأردن والسودان وسوريا والعراق واليمن في العمل الفدائي تحت مظلة "فتح" التي كانت يومذاك قريبة من الإخوان، وقام الإخوان بأنجح العمليات الفدائية، وقدموا عددًا من الشهداء منهم المهندس صلاح حسن (مصري) والقائد الركن محمد سعيد باعباد (يمني) والشاب عمود برقاوي (فلسطين) والطالب رضوان كريشان (أردني) .. وكان الشهيد الدكتور عبد الله عزام من أبرز قادة الإخوان في العمل الفدائي .. واستمر الإخوان بعد توقف العمل الفدائي في بذل كل جهد ممكن - حسب ظروفهم - في جميع الميادين السياسية والإعلامية .
المرحلة السادسة: ما بعد كامب ديفيد
وهي مرحلة ما بعد عقد معاهدة كامب ديفد، وقد تمثل دور التيار الإسلامي الذي يشكل الإخوان المسلمون عموده الفقري في التصدي لهذا الانحراف الذي تمثله هذه المعاهدة، ونشطوا في جميع الميادين الجهادية والسياسية والإعلامية والعقائدية، في مواجهة هذا الانحراف، وتمثلت هذه النشاطات فيما يلي:-
- تصدِّي الإخوان في مصر لمعاهدة كامب ديفيد، وكان لهم تأثير في إفشال كل محاولات التطبيع الشعبي مع اليهود، وقد عبرت عن زيادة الإخوان في قيادة المعارضة للمعاهدة، صحيفة "الشرق الأوسط" الصادرة في لندن في 5/7/1979م حين نشرت تحليلاً سياسيًّا بعنوان: "الإخوان المسلمون في مصر.. نشاط متزايد ورفض مطلق للمعاهدة مع إسرائيل" ..
- حين بدأت منظمة التحرير الفلسطينية انحرافها بدأ الإخوان المسلمون في إعداد أنفسهم للتصدي لهذا الانحراف، ولم يلبث هذا الإعداد أن تمخض عن الإعلان عن ولادة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في الرابع عشر من كانون الثاني/ يناير 1987م، بعد أسبوع واحد من اندلاع الانتفاضة الجماهيرية الفلسطينية، وانطلقت حماس بعد أن أعلنت عن تشرفها بأنها ذراع من أذرع جماعة الإخوان المسلمين ، لتكون امتدادًا مباركًا لجهاد الأوائل من أبطال جماعة الإخوان المسلمين على أرض فلسطين ... وهاهي "حماس" تؤكد يومًا بعد يوم وجودها على أرض فلسطين، رائدة وقائدة حقيقية للشعب الفلسطيني .. وهاهي حماس الثمرة الطيبة من ثمار شجرة الإخوان المسلمين، تصبح الهاجس الذي يطرد النوم من عيون دهاقنة الصهيونية.
- وكما وقف الإخوان المسلمون في فلسطين من خلال حركة "حماس" ضد معاهدة أوسلو الفلسطينية - اليهودية .. فقد وقف الإخوان المسلمون في الأردن ضد المعاهدة الأردنية - اليهودية، وهاهم يشكلون القيادة الحقيقية للمعارضة الجماهيرية لهذه المعاهدة، بقبول وعن اقتناع من جميع القوى والأحزاب المعارضة للمعاهدة.
وبعد.. فإن المعركة ما زالت مستمرة، وما زالت مراحلها تتلاحق، ومثلما كان للتيار الإسلامي - وخاصة لطليعته جماعة الإخوان المسلمين - دور في كل مرحلة، فسيكون للتيار الإسلامي بكل لافتاته وأسمائه، وفي طليعته جماعة الإخوان المسلمين، دور في كل مرحلة مقبلة بإذن الله، إلى أن يتحقق وعد الله ووعيده في بني إسرائيل .
{ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وَجَوْهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوْهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوا تَتْبِيْرًا } [الإسراء: 7
احمد ماهر محمد- عدد المساهمات : 20
تاريخ التسجيل : 19/04/2011
رد: الاخوان........تحت المجهر؟؟؟
الحلقه الخامسة
نظرة على جماعة " الإخوان المسلمون "
لم يكن من الطبيعي أن لا يصدر عن الأمة ككل ، وخصوصا في مصر بلد الأزهر ، أي رد فعل لسقوط الخلافة ، وغياب ذلك الرمز الذي وحد كلمة المسلمين قرونا طويلة . فبقدر عظم المصيبة التي أصابت الأمة ، بقدر ما كانت ردود فعل المخلصين من أبنائها والذين رأوا آخر قلاعهم وهى تتهاوى ثم تتقاسم تركتها الأمم لتنشئ واقعا جديدا - مغايراً تماما لمواصفات الأمة الواحدة - يرتكز على هوية جديدة عمادها الإقليمية والعصبية وزرع العداوة والبغضاء بين وحدات هذا الواقع الجديد ، وتبنى مناهج بعيدة كل البعد عن المنهج الرباني الواحد الذي كان أساس الأمة الإسلامية الواحدة منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، والذي منع من سقوط الرمز برغم فترات الضعف والخلل الذي كان يصيب كيان هذه الأمة السياسي في فترات تاريخية متباعدة
ولعل دعوة الإخوان المسلمين والتي بدأت خطواتها الأولى رسميا في مارس 1928 على يد الإمام الشهيد حسن البنا(1906-1949) وبعض رفاقه، كانت من أنضج الدعوات وعيا وإدراكا وشمولا لمعاني الإسلام التي أفرزتها مأساة سقوط الخلافة الإسلامية العثمانية، بحيث عدها المؤرخون الرد الطبيعي الأول للأمة على هذه المأساة
ففي رسالة " إلى الشباب " - 1941 - يقول الإمام الشهيد حسن البنا :
" لقد أتى على الإسلام والمسلمين حين من الدهر توالت فيه الحوادث وتتابعت الكوارث، وعمل خصوم الإسلام على إطفاء رواقه وإخفاء بهائه وتضليل أبنائه وتعطيل حدوده، وإضعاف جنوده ، وتزييف تعاليمه وأحكامه، تارة بالنقض منها، وأخرى بالزيادة فيها، وثالثة بتأويلها على غير وجهها، وساعدهم على ذلك ضياع سلطة الإسلام السياسية وتمزيق إمبراطوريته العالمية، وتسريح جيوشه المحمدية، ووقوع أممه في قبضة أهل الكفر مستذلين مستعمرين
فأول واجباتنا نحن الإخوان المسلمين، أن نبين للناس حدود هذا الإسلام واضحة كاملة بينة، لا زيادة فيها ولا نقص بها ولا لبس معها. وذلك هو الجزء النظري من فكرتنا، وأن نطالبهم بتحقيقها ونحملهم على إنفاذها ونأخذهم بالعمل بها، وذلك هو الجزء العملي في هذه الفكرة
وعمادنا في ذلك كله، كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والسنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والسيرة المطهرة لسلف هذه الأمة ، لا نبغي من وراء ذلك إلا إرضاء الله ، وأداء الواجب وهداية البشر وإرشاد الناس " .
رسالة " إلى الشباب "
وفى موضع آخر ، يحدد الأمام الشهيد مراحل العمل وخطواته والوسيلة إليه ، فيقول :
" نريد أولا الرجل المسلم في تفكيره وعقيدته ، وفى خلقه وعاطفته وفى عمله وتصرفه . فهذا هو تكويننا الفردي
ونريد بعد ذلك البيت المسلم في فكره وعقيدته، وفى خلقه وعاطفته ، وفى عمله وتصرفه ، ونحن لهذا نعنى بالمرأة عنايتنا بالرجل ، ونعنى بالطفولة عنايتنا بالشباب، وهذا هو تكويننا الأسرى
ونريد بعد ذلك الشعب المسلم في ذلك كله أيضاً ، ونحن لهذا نعمل على أن تصل دعوتنا إلى كل بيت ، وأن يسمع صوتنا في كل مكان ، وأن تتيسر فكرتنا وتتغلغل في القرى والنجوع والمدن والمراكز والحواضر والأمصار ، لا نألو في ذلك جهدا ولا نترك وسيلة
ونريد بعد ذلك الحكومة المسلمة التي تقود هذا الشعب إلى المسجد ، وتحمل به الناس على هدى الإسلام من بعد ، كما حملتهم على ذلك بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر وعمر من قبل . ونحن لهذا لا نعترف بأي نظام حكومي لا يرتكز على أساس الإسلام ولا يستمد منه ، وسنعمل على إحياء نظام الحكم الإسلامي بكل مظاهره ، وتكوين الحكومة الإسلامية على أساس هذا النظام
ونريد بعد ذلك أن نضم الينا كل جزء من وطننا الإسلامي الذي فرقته السياسة الغربية وأضاعت وحدته المطامع الأوروبية. ونحن لهذا لا نعترف بهذه التقسيمات السياسية ولا نسلم بهذا الاتفاقات الدولية ، التي تجعل من الوطن الإسلامي دويلات ضعيفة ممزقة يسهل ابتلاعها على الغاصبين ، وكل شبر أرض ، فيه مسلم يقول : لا إله إلا الله هو وطننا الكبير الذي نسعى لتحريره وإنقاذه وخلاصة وضم أجزائه بعضها إلى بعض . فإن العقيدة الإسلامية توجب على كل مسلم قوى أن يعتبر نفسه حاميا لكل من تشربت نفسه تعاليم القرآن . فلا يجوز في عرف الإسلام أن يكون العامل العنصري أقوى في الرابطة من العامل الإيماني . والعقيدة هي كل شئ في الإسلام ، وهل الإيمان إلا الحب والبغض ؟
ونريد بعد ذلك أن تعود راية الله خافقة عالية على تلك البقاع التي سعدت بالإسلام حينا من الدهر ودوى فيها صوت المؤذن بالتكبير والتهليل ، ثم أراد لها نكد الطالع أن ينحسر عنها ضياؤه فتعود إلى الكفر بعد الإسلام
فالأندلس وصقلية والبلقان وجنوب إيطاليا وجزائر بحر الروم ، كلها مستعمرات إسلامية يجب أن تعود إلى أحضان الإسلام . ويجب أن يعود البحر الأبيض والبحر الأحمر بحيرتين إسلاميتين كما كانتا من قبل
ولئن كان السنيور موسولينى يرى من حقه أن يعيد الإمبراطورية الرومانية ، وما تكونت هذه الإمبراطورية المزعومة قديما إلا على أساس المطامع والأهواء ، فإن من حقنا أن نعيد مجد الإمبراطورية الإسلامية التي قامت على العدالة والإنصاف ونشر النور والهداية بين الناس
رسالة " إلى الشباب "
ونتيجة لهذا الوضوح في فكرها ودعوتها ، فقد تعرضت الجماعة لضغوط من الحكومات والأنظمة المختلفة
وكأي جماعة جادة أخرى ، فقد تعرضت - إضافة إلى الابتلاء بالقتل والاعتقال - إلى حملة مكثفة لتشويه أفكارها وبرامجها ، بدءاً من تشكيك الناس في فهم الجماعة للإسلام باعتباره دعوة ربانية عالمية ، ومروراً باتهامها ظلماً وبدون أي دليل بالعمالة لجهات أجنبية وانتهاء بعدم ملائمة الإسلام ذاته لأن يحكم العالم الحديث بتعقيداته الحالية ، وما أوجدته الحضارة الحديثة من متغيرات
وبالرغم من كل هذه العقبات وتلك الابتلاءات، وهذه الافتراءات ، وضراوة الحملات ، لم تفقد الجماعة وضوح فكرتها ونقاءها وصفائها ، بيانا وعملا ، موقفا وثباتاً ، فحرصت عبر المراحل والسنوات ، على التمسك بفكرها الوسطى المعتدل ، وتأكيده والثبات عليه
وفكر جماعة الإخوان المسلمين الذي ينادى بضرورة التمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، لم يقف في تناوله لمشاكل العصر عند حدود العموميات ، كما أن الممارسات السياسية والعملية تطبيقا لهذا الفكر قد أوضحت للناس أن الدعاة إلى الإسلام لا يعيشون في خيال ولا على أمجاد الماضي ، بل يعملون على تنفيذ ما يستطيعونه من أمر الله ، ما وسعتهم إلى ذلك طاقتهم وقدراتهم .
وقد تحقق ذلك - بفضل الله تعالى - من خلال ممارساتهم في العمل العام وفى كل الأقطار ... في النقابات المهنية والبرلمان والهيئات الاجتماعية والاقتصادية والخيرية ... وبصورة غير مسبوقة لم يستطع أعداء الجماعة و المتربصين بها الدوائر ، أن يجدوا في هذه الممارسة ثغرة تطعن في النزاهة أو الشرف أو
وبالنسبة للقضايا الفكرية المعاصرة - في فكر جماعة الإخوان المسلمين - فيمكن الإشارة إلى بعضها ، للتدليل على مدى توفيق الله سبحانه وتعالى لهذه الجماعة بترشيد خطواتها ...
ومن هذه القضايا
والإخوان المسلمون حريصون دائما على توضيح فكرهم ، ومصارحة الناس بغاياتهم ، وتجلية منهاجهم في غير لبس ولا غموض ، لثقتهم في الله أولا ثم في سمو دعوتهم وبراءتها ونزاهتها وتجاوزها المطامع الشخصية والأهواء والأغراض ، فهم لا يسألون الناس شيئا ويلتمسون الأجر والثواب من الذي فطرنا وفطر الناس جميعاً . يحدوهم في ذلك عاطفة حب خالصة لقومهم - وكل المسلمين قومهم - ولله الفضل والمنة
نظرة على جماعة " الإخوان المسلمون "
لم يكن من الطبيعي أن لا يصدر عن الأمة ككل ، وخصوصا في مصر بلد الأزهر ، أي رد فعل لسقوط الخلافة ، وغياب ذلك الرمز الذي وحد كلمة المسلمين قرونا طويلة . فبقدر عظم المصيبة التي أصابت الأمة ، بقدر ما كانت ردود فعل المخلصين من أبنائها والذين رأوا آخر قلاعهم وهى تتهاوى ثم تتقاسم تركتها الأمم لتنشئ واقعا جديدا - مغايراً تماما لمواصفات الأمة الواحدة - يرتكز على هوية جديدة عمادها الإقليمية والعصبية وزرع العداوة والبغضاء بين وحدات هذا الواقع الجديد ، وتبنى مناهج بعيدة كل البعد عن المنهج الرباني الواحد الذي كان أساس الأمة الإسلامية الواحدة منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، والذي منع من سقوط الرمز برغم فترات الضعف والخلل الذي كان يصيب كيان هذه الأمة السياسي في فترات تاريخية متباعدة
ولعل دعوة الإخوان المسلمين والتي بدأت خطواتها الأولى رسميا في مارس 1928 على يد الإمام الشهيد حسن البنا(1906-1949) وبعض رفاقه، كانت من أنضج الدعوات وعيا وإدراكا وشمولا لمعاني الإسلام التي أفرزتها مأساة سقوط الخلافة الإسلامية العثمانية، بحيث عدها المؤرخون الرد الطبيعي الأول للأمة على هذه المأساة
ففي رسالة " إلى الشباب " - 1941 - يقول الإمام الشهيد حسن البنا :
" لقد أتى على الإسلام والمسلمين حين من الدهر توالت فيه الحوادث وتتابعت الكوارث، وعمل خصوم الإسلام على إطفاء رواقه وإخفاء بهائه وتضليل أبنائه وتعطيل حدوده، وإضعاف جنوده ، وتزييف تعاليمه وأحكامه، تارة بالنقض منها، وأخرى بالزيادة فيها، وثالثة بتأويلها على غير وجهها، وساعدهم على ذلك ضياع سلطة الإسلام السياسية وتمزيق إمبراطوريته العالمية، وتسريح جيوشه المحمدية، ووقوع أممه في قبضة أهل الكفر مستذلين مستعمرين
فأول واجباتنا نحن الإخوان المسلمين، أن نبين للناس حدود هذا الإسلام واضحة كاملة بينة، لا زيادة فيها ولا نقص بها ولا لبس معها. وذلك هو الجزء النظري من فكرتنا، وأن نطالبهم بتحقيقها ونحملهم على إنفاذها ونأخذهم بالعمل بها، وذلك هو الجزء العملي في هذه الفكرة
وعمادنا في ذلك كله، كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والسنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والسيرة المطهرة لسلف هذه الأمة ، لا نبغي من وراء ذلك إلا إرضاء الله ، وأداء الواجب وهداية البشر وإرشاد الناس " .
رسالة " إلى الشباب "
وفى موضع آخر ، يحدد الأمام الشهيد مراحل العمل وخطواته والوسيلة إليه ، فيقول :
" نريد أولا الرجل المسلم في تفكيره وعقيدته ، وفى خلقه وعاطفته وفى عمله وتصرفه . فهذا هو تكويننا الفردي
ونريد بعد ذلك البيت المسلم في فكره وعقيدته، وفى خلقه وعاطفته ، وفى عمله وتصرفه ، ونحن لهذا نعنى بالمرأة عنايتنا بالرجل ، ونعنى بالطفولة عنايتنا بالشباب، وهذا هو تكويننا الأسرى
ونريد بعد ذلك الشعب المسلم في ذلك كله أيضاً ، ونحن لهذا نعمل على أن تصل دعوتنا إلى كل بيت ، وأن يسمع صوتنا في كل مكان ، وأن تتيسر فكرتنا وتتغلغل في القرى والنجوع والمدن والمراكز والحواضر والأمصار ، لا نألو في ذلك جهدا ولا نترك وسيلة
ونريد بعد ذلك الحكومة المسلمة التي تقود هذا الشعب إلى المسجد ، وتحمل به الناس على هدى الإسلام من بعد ، كما حملتهم على ذلك بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر وعمر من قبل . ونحن لهذا لا نعترف بأي نظام حكومي لا يرتكز على أساس الإسلام ولا يستمد منه ، وسنعمل على إحياء نظام الحكم الإسلامي بكل مظاهره ، وتكوين الحكومة الإسلامية على أساس هذا النظام
ونريد بعد ذلك أن نضم الينا كل جزء من وطننا الإسلامي الذي فرقته السياسة الغربية وأضاعت وحدته المطامع الأوروبية. ونحن لهذا لا نعترف بهذه التقسيمات السياسية ولا نسلم بهذا الاتفاقات الدولية ، التي تجعل من الوطن الإسلامي دويلات ضعيفة ممزقة يسهل ابتلاعها على الغاصبين ، وكل شبر أرض ، فيه مسلم يقول : لا إله إلا الله هو وطننا الكبير الذي نسعى لتحريره وإنقاذه وخلاصة وضم أجزائه بعضها إلى بعض . فإن العقيدة الإسلامية توجب على كل مسلم قوى أن يعتبر نفسه حاميا لكل من تشربت نفسه تعاليم القرآن . فلا يجوز في عرف الإسلام أن يكون العامل العنصري أقوى في الرابطة من العامل الإيماني . والعقيدة هي كل شئ في الإسلام ، وهل الإيمان إلا الحب والبغض ؟
ونريد بعد ذلك أن تعود راية الله خافقة عالية على تلك البقاع التي سعدت بالإسلام حينا من الدهر ودوى فيها صوت المؤذن بالتكبير والتهليل ، ثم أراد لها نكد الطالع أن ينحسر عنها ضياؤه فتعود إلى الكفر بعد الإسلام
فالأندلس وصقلية والبلقان وجنوب إيطاليا وجزائر بحر الروم ، كلها مستعمرات إسلامية يجب أن تعود إلى أحضان الإسلام . ويجب أن يعود البحر الأبيض والبحر الأحمر بحيرتين إسلاميتين كما كانتا من قبل
ولئن كان السنيور موسولينى يرى من حقه أن يعيد الإمبراطورية الرومانية ، وما تكونت هذه الإمبراطورية المزعومة قديما إلا على أساس المطامع والأهواء ، فإن من حقنا أن نعيد مجد الإمبراطورية الإسلامية التي قامت على العدالة والإنصاف ونشر النور والهداية بين الناس
رسالة " إلى الشباب "
ونتيجة لهذا الوضوح في فكرها ودعوتها ، فقد تعرضت الجماعة لضغوط من الحكومات والأنظمة المختلفة
وكأي جماعة جادة أخرى ، فقد تعرضت - إضافة إلى الابتلاء بالقتل والاعتقال - إلى حملة مكثفة لتشويه أفكارها وبرامجها ، بدءاً من تشكيك الناس في فهم الجماعة للإسلام باعتباره دعوة ربانية عالمية ، ومروراً باتهامها ظلماً وبدون أي دليل بالعمالة لجهات أجنبية وانتهاء بعدم ملائمة الإسلام ذاته لأن يحكم العالم الحديث بتعقيداته الحالية ، وما أوجدته الحضارة الحديثة من متغيرات
وبالرغم من كل هذه العقبات وتلك الابتلاءات، وهذه الافتراءات ، وضراوة الحملات ، لم تفقد الجماعة وضوح فكرتها ونقاءها وصفائها ، بيانا وعملا ، موقفا وثباتاً ، فحرصت عبر المراحل والسنوات ، على التمسك بفكرها الوسطى المعتدل ، وتأكيده والثبات عليه
وفكر جماعة الإخوان المسلمين الذي ينادى بضرورة التمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، لم يقف في تناوله لمشاكل العصر عند حدود العموميات ، كما أن الممارسات السياسية والعملية تطبيقا لهذا الفكر قد أوضحت للناس أن الدعاة إلى الإسلام لا يعيشون في خيال ولا على أمجاد الماضي ، بل يعملون على تنفيذ ما يستطيعونه من أمر الله ، ما وسعتهم إلى ذلك طاقتهم وقدراتهم .
وقد تحقق ذلك - بفضل الله تعالى - من خلال ممارساتهم في العمل العام وفى كل الأقطار ... في النقابات المهنية والبرلمان والهيئات الاجتماعية والاقتصادية والخيرية ... وبصورة غير مسبوقة لم يستطع أعداء الجماعة و المتربصين بها الدوائر ، أن يجدوا في هذه الممارسة ثغرة تطعن في النزاهة أو الشرف أو
وبالنسبة للقضايا الفكرية المعاصرة - في فكر جماعة الإخوان المسلمين - فيمكن الإشارة إلى بعضها ، للتدليل على مدى توفيق الله سبحانه وتعالى لهذه الجماعة بترشيد خطواتها ...
ومن هذه القضايا
والإخوان المسلمون حريصون دائما على توضيح فكرهم ، ومصارحة الناس بغاياتهم ، وتجلية منهاجهم في غير لبس ولا غموض ، لثقتهم في الله أولا ثم في سمو دعوتهم وبراءتها ونزاهتها وتجاوزها المطامع الشخصية والأهواء والأغراض ، فهم لا يسألون الناس شيئا ويلتمسون الأجر والثواب من الذي فطرنا وفطر الناس جميعاً . يحدوهم في ذلك عاطفة حب خالصة لقومهم - وكل المسلمين قومهم - ولله الفضل والمنة
احمد ماهر محمد- عدد المساهمات : 20
تاريخ التسجيل : 19/04/2011
رد: الاخوان........تحت المجهر؟؟؟
ان
جماعة الاخوان المسلمين لها تاريخ ارهابي لقد قتلوا واحداً من رؤساء الوزارة قبل
الثورة لاختلاف آرائهم السياسية وفي عام 1954 حاولوا قتل الرئيس جمال عبد الناصر
وكرروا محاولاتهم عدة مرات” مضيفا بأن الأحزاب الدينية “تهدد السلام الاجتماعي”.
بينما
رفضت الجماعة إتهامها بالإرهاب وأعلنت أنها تدين الإرهاب وأن موقفها ثابت من العنف
والإرهاب وقالت أن تاريخها ناصع البياض وأن ما حدث في الماضي كانت أعمال فردية
أستنكرها الإخوان ومرشدهم حسن البنا حينها، وعلق د. محمد حبيب النائب الأول للمرشد
علي محاولة قتل جمال عبد الناصر في حادثة المنشية قائلا: «إن هذا الحادث تمثيلية
كبرى أحكم تدبيرها بهدف القبض على الاخوان المسلمين والزج بهم في السجون
والمعتقلات وازاحتهم من الطريق للاستئثار بالسلطة والانفراد بالحكم
]ترك
بعض من أبناء الجماعة لها وابرز من تركوا الجماعة هم من عرفوا بأعضاء حزب الوسط،
وكان على رأسهم المهندس أبو العلا ماضي وهو نقابي وعضو سابق في الجماعة، وهناك
أيضا مختار نوح وثروت الخرباوي وآخرين، ولكن الإخوان المسلمون يردّون على هذا بأن
كل قرار يتم تنفيذه داخل الجماعة لا يتم إلا بالشورى. ومن الطبيعي أن يختلف
الأشخاص في الآراء ولكن كما يوجد في أي حزب هناك ما يسمى بالالتزام الحزبي ويعني
تنفيذ المنتمي للحزب لكل قرارات الحزب حتى وإن خالفت رأيه الشخصي، كما أنه من
الطبيعي أنه عند أخذ الشورى فإنها لن تؤخذ من كل أفراد الجماعة ولكن تؤخذ من
قيادات الجماعة، بينما ورد في استطلاع مركز أبحاث أمريكي أن أكثر من ثلثي المصريين
(69%) يعتقدون أن جماعة الإخوان لا تؤمن بالديمقراطية
وفي
أول دراسة ميدانية عن الإخوان منذ أربعين عاما، والتي استمرت لمدة عامين ونصف،
يشير صاحب البحث الكاتب المصري المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، خليل العناني،
في كتابه “الاخوان المسلمون في مصر، شيخوخة تصارع الزمن” الصادر في 2007 إلى “وجود
فجوة كبيرة داخل الجماعة في فهمهم لمسألة الديمقراطية، حيث يفهمونها كممارسة وليس
كقيم، أي يدخلون الانتخابات ويطلقون مظاهرات لكن لا يوجد إيمان لديهم بقيم
الديمقراطية من مساواة وحرية وعدالة
مؤخرا
قام معهد ديل كارنيجي للسلام بدراسة حول جماعة الإخوان في مصر جاء فيها أن الإخوان
يواجهون أربع إشكاليات في مواجهة المجتمع المدني المصري وهي الديمقراطية والمرأة
والاقباط والعلاقة مع الغرب.
وتتهم
جماعة الاخوان المسلمين من قبل الحكومة المصرية وعدد من المحللين بتهمة استغلال
الدين للوصول سياسيا إلى السلطةمن خلال شعار “الإسلام هو الحل كذلك هناك اتهام للجماعة في تاريخها الذي يتضمن
عددا من عمليات الاغتيال السياسية التي أودت بحياة عدد من الزعماء والمسؤولين
المصريين، أمثال رئيس الوزراء المصري بين عامي (1944 – 1945) أحمد ماهر باشا الذي
إغتاله محمود العيسوي أحد المنتمين للحزب الوطني فيما يقول البعض أن العيسوي كان
ينتمي للإخوان ورئيس الوزراء المصري بين عامي (1945 – 1948) محمود فهمي النقراشي
والقاضي أحمد الخازندار الذي أصدر أحكاما قضائية على عدد من المتهمين في جرائم والمنتمين
لجماعة الاخوان المسلمين، والذي تم اغتياله علي يد أفراد من النظام الخاص
بالجماعةكذلك اتهم رفعت السعيد الجماعة بتفجير عدد من مراكز الشرطة المصرية في
العام 1946
وألف الدكتور
أيمن الظواهري زعيم جماعة الجهاد الإسلامي في مصر والرجل الثاني في تنظيم القاعدة كتابا
بعنوان “الحصاد المر: الإخوان المسلمون في ستين عاما” ينتقد فيه الجماعة بشدة
ويتهمها بالخلل والانحراف ويعطي أمثلة على تأييد الإخوان للحكام في مصر، ومواقفهم
المؤيدة للدستور والديمقراطية ورفضهم العنف وقبولهم بالأحزاب العلمانية وغير
الإسلامية، وقبولهم ومشاركتهم في عمليات تداول السلطة والتنافس عليها سلميا،
وقبولهم بالقوانين والأنظمة والتشريعات القائمة في مصر والعالم الإسلامي. ويجد
الظواهري أن الجماعة لم تكتف بعدم تكفير الحكام بغير ما أنزل الله، بل تجاوزت هذا
الاعتراف بأقوالها وأفعالها بشرعية هؤلاء الحكام وتركت هذا الفهم يستشري في
صفوفها، بل واعترفت الجماعة بشرعية المؤسسات الدستورية العلمانية والبرلمان
والانتخابات والديمقراطية !!
قائلا:
«رضيت جماعة الإخوان بالاحتكام إلى الديمقراطية وسيادة الشعب والانتخاب كطريق
للتغيير والوصول إلى الحكم حتى قال حسن البنا إن مؤاخذتهم على الدستور يمكن
تغييرها بالطرق التي وصفها الدستور نفسه، أي الأسلوب الديمقراطي»، ويرى الظواهري
أن الجماعة نبذت العنف الذي هو الجهاد في سبيل الله وتبرأت ممن يتبنون العنف ولو
من أتباعها، ويعتبرها مخالفات شرعية كبيرة رافقت تأسيس الجماعة وقامت عليها ومتهما
الجماعة بعدم جهاد الحكام معلقا على جهاد الإخوان في فلسطين وحرب السويس: «ثم إن
القتال في فلسطين أقل وجوبا من قتال الحكام المرتدين لأن قتال المرتد مقدم على
قتال الكافر الأصلي، ولأن تحرير فلسطين والبلاد الإسلامية المحتلة يكون بعد إقامة
حكم الله=
جماعة الاخوان المسلمين لها تاريخ ارهابي لقد قتلوا واحداً من رؤساء الوزارة قبل
الثورة لاختلاف آرائهم السياسية وفي عام 1954 حاولوا قتل الرئيس جمال عبد الناصر
وكرروا محاولاتهم عدة مرات” مضيفا بأن الأحزاب الدينية “تهدد السلام الاجتماعي”.
بينما
رفضت الجماعة إتهامها بالإرهاب وأعلنت أنها تدين الإرهاب وأن موقفها ثابت من العنف
والإرهاب وقالت أن تاريخها ناصع البياض وأن ما حدث في الماضي كانت أعمال فردية
أستنكرها الإخوان ومرشدهم حسن البنا حينها، وعلق د. محمد حبيب النائب الأول للمرشد
علي محاولة قتل جمال عبد الناصر في حادثة المنشية قائلا: «إن هذا الحادث تمثيلية
كبرى أحكم تدبيرها بهدف القبض على الاخوان المسلمين والزج بهم في السجون
والمعتقلات وازاحتهم من الطريق للاستئثار بالسلطة والانفراد بالحكم
]ترك
بعض من أبناء الجماعة لها وابرز من تركوا الجماعة هم من عرفوا بأعضاء حزب الوسط،
وكان على رأسهم المهندس أبو العلا ماضي وهو نقابي وعضو سابق في الجماعة، وهناك
أيضا مختار نوح وثروت الخرباوي وآخرين، ولكن الإخوان المسلمون يردّون على هذا بأن
كل قرار يتم تنفيذه داخل الجماعة لا يتم إلا بالشورى. ومن الطبيعي أن يختلف
الأشخاص في الآراء ولكن كما يوجد في أي حزب هناك ما يسمى بالالتزام الحزبي ويعني
تنفيذ المنتمي للحزب لكل قرارات الحزب حتى وإن خالفت رأيه الشخصي، كما أنه من
الطبيعي أنه عند أخذ الشورى فإنها لن تؤخذ من كل أفراد الجماعة ولكن تؤخذ من
قيادات الجماعة، بينما ورد في استطلاع مركز أبحاث أمريكي أن أكثر من ثلثي المصريين
(69%) يعتقدون أن جماعة الإخوان لا تؤمن بالديمقراطية
وفي
أول دراسة ميدانية عن الإخوان منذ أربعين عاما، والتي استمرت لمدة عامين ونصف،
يشير صاحب البحث الكاتب المصري المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، خليل العناني،
في كتابه “الاخوان المسلمون في مصر، شيخوخة تصارع الزمن” الصادر في 2007 إلى “وجود
فجوة كبيرة داخل الجماعة في فهمهم لمسألة الديمقراطية، حيث يفهمونها كممارسة وليس
كقيم، أي يدخلون الانتخابات ويطلقون مظاهرات لكن لا يوجد إيمان لديهم بقيم
الديمقراطية من مساواة وحرية وعدالة
مؤخرا
قام معهد ديل كارنيجي للسلام بدراسة حول جماعة الإخوان في مصر جاء فيها أن الإخوان
يواجهون أربع إشكاليات في مواجهة المجتمع المدني المصري وهي الديمقراطية والمرأة
والاقباط والعلاقة مع الغرب.
وتتهم
جماعة الاخوان المسلمين من قبل الحكومة المصرية وعدد من المحللين بتهمة استغلال
الدين للوصول سياسيا إلى السلطةمن خلال شعار “الإسلام هو الحل كذلك هناك اتهام للجماعة في تاريخها الذي يتضمن
عددا من عمليات الاغتيال السياسية التي أودت بحياة عدد من الزعماء والمسؤولين
المصريين، أمثال رئيس الوزراء المصري بين عامي (1944 – 1945) أحمد ماهر باشا الذي
إغتاله محمود العيسوي أحد المنتمين للحزب الوطني فيما يقول البعض أن العيسوي كان
ينتمي للإخوان ورئيس الوزراء المصري بين عامي (1945 – 1948) محمود فهمي النقراشي
والقاضي أحمد الخازندار الذي أصدر أحكاما قضائية على عدد من المتهمين في جرائم والمنتمين
لجماعة الاخوان المسلمين، والذي تم اغتياله علي يد أفراد من النظام الخاص
بالجماعةكذلك اتهم رفعت السعيد الجماعة بتفجير عدد من مراكز الشرطة المصرية في
العام 1946
وألف الدكتور
أيمن الظواهري زعيم جماعة الجهاد الإسلامي في مصر والرجل الثاني في تنظيم القاعدة كتابا
بعنوان “الحصاد المر: الإخوان المسلمون في ستين عاما” ينتقد فيه الجماعة بشدة
ويتهمها بالخلل والانحراف ويعطي أمثلة على تأييد الإخوان للحكام في مصر، ومواقفهم
المؤيدة للدستور والديمقراطية ورفضهم العنف وقبولهم بالأحزاب العلمانية وغير
الإسلامية، وقبولهم ومشاركتهم في عمليات تداول السلطة والتنافس عليها سلميا،
وقبولهم بالقوانين والأنظمة والتشريعات القائمة في مصر والعالم الإسلامي. ويجد
الظواهري أن الجماعة لم تكتف بعدم تكفير الحكام بغير ما أنزل الله، بل تجاوزت هذا
الاعتراف بأقوالها وأفعالها بشرعية هؤلاء الحكام وتركت هذا الفهم يستشري في
صفوفها، بل واعترفت الجماعة بشرعية المؤسسات الدستورية العلمانية والبرلمان
والانتخابات والديمقراطية !!
قائلا:
«رضيت جماعة الإخوان بالاحتكام إلى الديمقراطية وسيادة الشعب والانتخاب كطريق
للتغيير والوصول إلى الحكم حتى قال حسن البنا إن مؤاخذتهم على الدستور يمكن
تغييرها بالطرق التي وصفها الدستور نفسه، أي الأسلوب الديمقراطي»، ويرى الظواهري
أن الجماعة نبذت العنف الذي هو الجهاد في سبيل الله وتبرأت ممن يتبنون العنف ولو
من أتباعها، ويعتبرها مخالفات شرعية كبيرة رافقت تأسيس الجماعة وقامت عليها ومتهما
الجماعة بعدم جهاد الحكام معلقا على جهاد الإخوان في فلسطين وحرب السويس: «ثم إن
القتال في فلسطين أقل وجوبا من قتال الحكام المرتدين لأن قتال المرتد مقدم على
قتال الكافر الأصلي، ولأن تحرير فلسطين والبلاد الإسلامية المحتلة يكون بعد إقامة
حكم الله=
رد: الاخوان........تحت المجهر؟؟؟
حضرتك قولت""ان الاخوان قتلوا احمد ماهر باشا والنقراشر باشا فى الخمسينيات ""اوافقك ان مقتل النقراشى باشا كان على يد احد افراد الاخوان المنشقين على الجماعه وكان ذلك قصاص على الافعال الشنيعه التى مارسها النقراشى ذاك الوقت _اما مقتل احمد ماهر باشا فهم براء منه ؛احفظ تاريخهم جيدا لانى عاصرتهم ما يزيد عن عشر سنوات واتابعهم طوال سنوات عمرى ؛
وكلام سيادتكم التاريخى متناقض يا فارس باشا.....
كيف تتهم الاخوان بالارهاب ثم تدلل بعدها نقد الظواهرى لهم بانهم يحابون الحكام ولا يعتدون بالجهاد ؛موضوع الجماعه الارهابيه يعترف الجميع انها من تلفيق الغرب ومقصوده لتشويه صوره الاسلام؛والدليل انك وانا لم نسمع باى اغتيالات او نشاط ارهابى للجماعه بعد مقتل النقراشى ؛وهو ما يجاوز الخمسون عاما ؛ربما كان هناك محاوله لقتل عبد الناصر فانت لا تعلم ما فعل عبد الناصر فى الجماعه ؛
انت تكره الجماعه يا استاذ فارس
وعليها فانت تتصيد لها النقد من الشرق والغرب ولو قال لك ""زعبوله الاوله""صاحب التوجه ""الفشلى""ان الجماعه ارهابيه ستصدقه دون طرح دليل او تمحيص لمجريات الامور او تصحيح للتاريخ.
احمد ماهر محمد- عدد المساهمات : 20
تاريخ التسجيل : 19/04/2011
رد: الاخوان........تحت المجهر؟؟؟
الحلقه السادسه
انها الحلقه الخاصه التى ينفرد بها الامام الشهيد حسن البنا ؛انها احدى مؤلفاته الهامه جدا ؛ وبها يضحد كل ناقد ؛وفيها ما يجعل من يهين ويشين ان يعود الى عقله وان يستفتى قلبه ؛ولانها حلقه طويله اود تقسيمها على اجزاء: والله من وراء القصد
الجزء 1
يرى المراقبون الاجتماعيون والسياسيون والمعنيون بتطورات الحياة في الأمم والشعوب أن العالم الإسلامي وفي مقدمته العالم العربي طبعا ، يتجه بنهضته الحديثة اتجاها إسلاميا . وأن هذا الاتجاه يقوى تياره بالتدرج , وبعد أن كان الكتاب والمفكرون والعلماء والزعماء يتغنون بأصول الحضارة الأوربية ووجوب الاصطباغ بصبغها والأخذ الكامل بأساليبها ومناهجها , تبدلت هذه النغمة وحل محلها التحفظ والحذر , وارتفعت الأصوات المنادية بوجوب العودة إلى أصول الإسلام وتعاليمه ومناهجه , وتقريب الحياة العصرية في هذه الشعوب إليها بقدر الإمكان تمهيدا للاصطباغ الكامل بصبغة الإسلام.
أسبابه:
ويزعج هذا الاتجاه كثيرا من الحكومات والدول الغربية التي عاشت طوال القرون الماضية في عقلية الذي لا يعرف عن الإسلام إلا التعصب والجمود , ولا يرى في المسلمين إلا شعوبا مستضعفة للتسخير وأوطانا خصبة للاستعمار , وأخذوا يتوجسون من هذه الحركة ويذهبون في تفسيرها وتأويلها كل مذهب , فمن قائل أنها نتيجة قيام الهيئات المتطرفة والجماعات المتعصبة ، ومن قائل أنها رد فعل للضغط السياسي والاقتصادي الذي شعرت به هذه الأمم الإسلامية في هذه الأعصار ، ومن قائل إنها وسيلة يتوصل بها بعض طلاب الحكم والجاه إلى الظهور والمنصب.. وكل هذه الأسباب فيما نعتقد بعيدة عن الحقيقة كل البعد ، وهذا الاتجاه ليس إلا نتيجة لعوامل ثلاثة فيما نرى:
إفلاس الغرب:
أولها ـ إفلاس الأصول الاجتماعية التي قامت عليها حضارة الأمم الغربية فحياة الغرب التي قامت على العلم المادي والمعرفة الأولية والكشف والاختراع وإغراق أسواق العالم بمنتجات العقول والآلات لم تستطع أن تقدم للنفس الإنسانية خيطا من النور ، أو بصيصا من الأمل أو شعاعا من الإيمان . ولم ترسم للأرواح القلقة أي سبيل للراحة والاطمئنان ، وليس الإنسان آلة من الآلات , ولهذا كان طبيعيا أن يتبرم بهذه الأوضاع المادية البحتة وأن يحاول الترفيه عن نفسه ، ولم تجد الحياة الغربية المادية ما ترفه به عنه إلا الماديات أيضا من الآثام والشهوات والخمور والنساء والأحفال الصاخبة والمظاهر المغرية التي تلهى بها حينا , ثم ازداد بها بعد ذلك جوعا على جوع وأحس بصرخات روحه تنطلق عالية تحاول تحطيم هذا السجن المادي , والانطلاق في الفضاء واسترواح نسمات الإيمان والعزاء.
كمال الإسلام:
وثانيها ـ وهو العامل الإيجابي في الموضوع ـ اكتشاف المفكرين من رجال الإسلام ما في أصوله وقواعده من سمو ورقي وصلاحية واكتمال , وأنها أكمل وأدق وأفضل وأشمل وأجمع من كل ما كشفت عنه الفلسفات الاجتماعية والعقول المصلحة إلى الآن , وقد كان المسلمون غفلوا عن ذلك حينا من الدهر فلما كشف الله عن بصائر مفكريهم ، وقارنوا ما عندهم من قواعد دينهم الاجتماعية بما يتحدث عنه كبار الاجتماعيين وأساطين وجهابذة المفكرين ، ووجدوا البون شاسعا والفرق بعيدا عن كنوز هذا الميراث الضخم وبين ما يلهو به هؤلاء , لم يملكوا أنفسهم من أن ينصفوا عقولهم وتاريخهم وشعوبهم ، وأن ينادوا بنفاسة هذا الميراث ، وأن يهيبوا بهذه الأمم الغافلة إسلامية وغير إسلامية أن تستفيد من هذا الإرشاد الرباني الكريم وأن تنهج نهج هذا الصراط السوي المستقيم.
طبيعة التطور:
وثالثها ـ طبيعة التطور الاجتماعي بعد حربين طاحنتين اشتركت فيهما دول العالم جميعا ، وتناولت النفوس والأوضاع والشعوب والأفراد ، ونبتت بعدهما طائفة من المبادئ الإصلاحية والنظم الاجتماعية ، وقامت على أساسها دول ونهضت بتطبيقها ، ثم لم يمض كبير وقت حتى تناولتها يد التبديل والتغيير أو الهدم والتدمير ، والمفكرون من المسلمين ينظرون ويرقبون ويوازنون ويرجعون إلى ما بين أيديهم من كتاب ربهم وهو مشرق ، ومن سنة نبيهم وهى بينة ، ومن تاريخهم وهو مجيد ، فلا يرون لنظام من هذه النظم حسنة من الحسنات إلا وجدوا أنها مقررة في نظامهم الإسلامي الاجتماعي , وأنهم سبقوا إليها فتحدثوا عنها أو عملوا بها ، ولا يرون لنظام من هذه النظم سيئة من السيئات إلا وجدوا أن نظامهم الإسلامي الاجتماعي قد حذر منها واحتاط لها ووصف طريق الوقاية من نتائجها وآثارها , سادت العالم حينا من الدهر هذه النظم الديمقراطية وانطلقت الحناجر في كل مكان تسبح وتقدس بما جاء به هذا النظام الديمقراطي من حرية للأفراد وللشعوب على السواء ، ومن إنصاف للعقل الإنساني بحرية التفكير ، وللنفس الإنسانية بحرية العمل والإرادة ، وللشعوب بأن تكون مصدر السلطات ، وجاء النصر في الحرب العالمية الأولى معززا لهذه الأفكار متوجا إياها بإكليل الغار ، ثم لم يلبث الناس أن تبينوا أن حريتها الاجتماعية لم تسلم من الفوضى , وأن حريتها الفردية لم تأخذ الحيطة من الإباحية ، وأن سلطة الشعوب لم تبرئ المجتمع من كثير من الديكتاتوريات المستورة التي تضيع معها التبعات ولا تحدد فيها الاختصاصات ، إلى غير ذلك من المثالب والعيوب التي أدت إلى تفكك الأمم والشعوب , وتخلخل نظام الجماعات والبيوت ومهدت لقيام النظم ا لدكتاتورية.
فقامت النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا , وأخذ كل من موسوليني وهتلر بيد شعبه إلى الوحدة والنظام والنهوض والقوة والمجد , وسرعان ما خطا هذا النظام بهاتين الأمتين في مدارج الصلاح في الداخل والقوة والهيبة في الخارج , وبعث في النفوس الآمال الخالدة وأحيا الهمم والعزائم الراكدة , وجمع كلمة المختلفين المتفرقين على نظام وإمام ، وأصبح الفوهرر أو الدوتشي إذا تكلم أحدهما أو خطب تفزعت الأفلاك والتفت الدهر.
ثم ماذا ؟.. ثم تكشف الأمر عن أن هذا الجهاز القوي المتماسك الذي فنيت فيه إرادات الأفراد في إرادات الزعماء أخطأ حين أخطئوا ، فطغى بطغيانهم وانحرف بانحرافهم وهوى بسقوطهم , وانتهى كل شيء وأصبح حصيدا كأن لم يغن بالأمس بعد أن بذل العالم في حربه الثانية الملايين من زهرة الشباب والقناطير المقنطرة من الأموال والعتاد.
ولمع نجم الاشتراكية والشيوعية بعد ذلك , وزاد في هذا البريق واللمعان معني الفوز والانتصار ، وتقدمت روسيا السوفيتية إلى الميدان الاجتماعي تبشر بدعوتها , وتدل على الدنيا بنظامها الذي تبدل في ثلاثين عاما عدة مرات ، وأخذت دول الديمقراطيات أو بعبارة أدق دول الاستعمار القديمة البالية أو الجديدة الطامعة تعد العدة لتوقف هذا التيار ، والصراع يقوى ويشتد تارة في العلانية وأخرى في الخفاء ، والدول والأمم والشعوب الحائرة على مفترق الطرق لا تدري أين السبيل ، ومنها أمم الإسلام وشعوب القرآن , والمستقبل في ذلك كله بيد الله والحكم للتاريخ والبقاء للأصلح على كل حال.
هذا التطور الاجتماعي وهذا الصراع العنيف القوي أيقظ همم المفكرين من المسلمين فأخذوا يوازنون
ويقارنون , وانتهوا بعد الموازنة إلى نتيجة صحيحة سليمة هي التخلص من كل هذه الأوضاع ووجوب عودة شعوبهم وأممهم إلى الإسلام.
النظم الثلاثة في الصلاة ؟
قلت ذات مرة مداعبا للسامعين في إحدى المحاضرات ـ وكانت خطوة موفقة كل التوفيق وCool ـ إن هذه الصلاة الإسلامية التي نؤديها في اليوم خمس مرات ليست إلا تدريبا يوميا على نظام اجتماعي عملي , امتزجت فيه محاسن النظام الشيوعي بمحاسن النظام الديمقراطي بمحاسن النظام الدكتاتوري ، فعجبوا وقالوا: كيف كان ذلك؟.. فقلت: أفضل ما في النظام الشيوعي من حسنات تدعيم معنى المساواة والقضاء على الفوارق والطبقات , ومحاربة الاعتزاز بالملكية التي يكون عنها هذا التفاوت .. وهذه المعاني كلها يستحضرها المسلم ويشعر بها تماما , وتتركز في نفسه إذا دخل المسجد لأنه يستشعر لأول دخوله أن هذا المسجد لله ، لا لأحد من خلقه ، وأنه سواء العاكف فيه والباد ، لا صغير فيه ولا كبير ولا أمير ولا حقير ولا فوارق ولا طبقات ، فإذا صاح المؤذن: (قد قامت الصلاة .. قد قامت الصلاة) , استوى هذا الجمع خلف إمامه كالبنيان المرصوص , فلا يركع أحد حتى يركع الإمام ولا يسجد حتى يسجد ولا يأتي بحركة أو سكون إلا تابعا له ومقتديا به ومقلدا إياه ، وهذا هو أفضل ما في النظام الدكتاتوري: الوحدة والنظام في الإرادة والمظهر على السواء ، ولكن هذا الإمام مقيد هو نفسه بتعاليم الصلاة ودستورها ، فإذا انحرف أو أخطأ في تلاوة أو عمل كان للصبي الصغير وللرجل الكبير وللمرأة المصلية خلفه ، كان لكل واحد من هؤلاء الحق كل الحق أن ينبهه إلى خطئه وأن يرده ، إلى الصواب في أثناء الصلاة , وكان على الإمام كائنا من كان أن ينزل على هذا الإرشاد وأن يعدل عن خطئه إلى الحق والصواب ، وليس في الديمقراطية أروع من هذه الحسنات .. فماذا بقى بعد ذلك لهذه النظم من فضل على الإسلام؟! .. وقد جمع محاسنها جميعا واتقى بهذا المزج البديع كل ما فيها من سيئات (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (النساء:82).
لا مبرر للانزعاج:
والغربيون كما قلت ـ ومعهم الذين لا يعلمون ـ ينزعجون أشد الانزعاج لهذا الاتجاه ويرونه من الخطورة بحيث تجب عليهم محاربته بكل سبيل , لأنه ليس أكثر في عرفهم من انتصار للمبادئ الرجعية , وتجميع للأمم الهمجية حولها ضد مبادئ الحضارة والمدنية وشعوب العلم والعرفان والنظام. وهذا وهم عريق في الخطأ , وظلم صارخ للحقائق الواضحة وضوح الشمس في وضح النهار , ومهمتنا في هذه الكلمات أن نصل معهم إلى أمرين:
أولهما: إثبات سمو أصول النظام الاجتماعي الإسلامي وفضلها على كل ما عرف الناس تلك الأصول التي منها:
ا - الإخاء الإنساني ـ والقضاء على روح الكراهية والتعصب.
2 - السلام ـ وخطأ الذين لا يعلمون في فهم مشروعية الجهاد.
3 – الحرية ـ وخطأ الذين يتهمون الإسلام بإباحة الرق ومصادرة الحريات.
4 - العدل الاجتماعي ـ وفيه بيان رأي الإسلام في نظام الحكم والطبقات.
5 - الحياة الطيبة ـ وفيه بيان الخطأ في فهم حقيقة الزهد.
6 – الأسرة ـ وفيه الكلام على حقوق المرأة والتعدد والطلاق.
7 - العمل والكسب ـ وفيه الكلام على أنواع الكسب والخطأ في فهم التوكل.
8 - العلم ـ وفيه خطأ من يتهمون النظام الإسلامي بتشجيع الجهالة والخمول.
9 - النظام وتقدير الواجب ـ وفيه خطأ من يظنون في طبيعة الإسلام النقص والإهمال.
10 - التديّن ـ وفيه حقيقة الإيمان بالله والفضيلة والجزاء.
وثانيهما: إثبات أن من الخير للإنسانية كلها أن يتجه المسلمون إلى العودة لدينهم وأن ذلك سيكون أكبر دعائم السلام على الأرض , وأن الدافع في ذلك ليس التعصب الأعمى ولكن الاقتناع التام بفضل ما جاء به الإسلام وانطباقه تمام الانطباق على أرقى ما كشف عنه التفكير العقلي السليم من قواعد الاجتماع الصالحة , ودعائم نظمه القوية الثابتة.
(وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ)
انها الحلقه الخاصه التى ينفرد بها الامام الشهيد حسن البنا ؛انها احدى مؤلفاته الهامه جدا ؛ وبها يضحد كل ناقد ؛وفيها ما يجعل من يهين ويشين ان يعود الى عقله وان يستفتى قلبه ؛ولانها حلقه طويله اود تقسيمها على اجزاء: والله من وراء القصد
الجزء 1
يرى المراقبون الاجتماعيون والسياسيون والمعنيون بتطورات الحياة في الأمم والشعوب أن العالم الإسلامي وفي مقدمته العالم العربي طبعا ، يتجه بنهضته الحديثة اتجاها إسلاميا . وأن هذا الاتجاه يقوى تياره بالتدرج , وبعد أن كان الكتاب والمفكرون والعلماء والزعماء يتغنون بأصول الحضارة الأوربية ووجوب الاصطباغ بصبغها والأخذ الكامل بأساليبها ومناهجها , تبدلت هذه النغمة وحل محلها التحفظ والحذر , وارتفعت الأصوات المنادية بوجوب العودة إلى أصول الإسلام وتعاليمه ومناهجه , وتقريب الحياة العصرية في هذه الشعوب إليها بقدر الإمكان تمهيدا للاصطباغ الكامل بصبغة الإسلام.
أسبابه:
ويزعج هذا الاتجاه كثيرا من الحكومات والدول الغربية التي عاشت طوال القرون الماضية في عقلية الذي لا يعرف عن الإسلام إلا التعصب والجمود , ولا يرى في المسلمين إلا شعوبا مستضعفة للتسخير وأوطانا خصبة للاستعمار , وأخذوا يتوجسون من هذه الحركة ويذهبون في تفسيرها وتأويلها كل مذهب , فمن قائل أنها نتيجة قيام الهيئات المتطرفة والجماعات المتعصبة ، ومن قائل أنها رد فعل للضغط السياسي والاقتصادي الذي شعرت به هذه الأمم الإسلامية في هذه الأعصار ، ومن قائل إنها وسيلة يتوصل بها بعض طلاب الحكم والجاه إلى الظهور والمنصب.. وكل هذه الأسباب فيما نعتقد بعيدة عن الحقيقة كل البعد ، وهذا الاتجاه ليس إلا نتيجة لعوامل ثلاثة فيما نرى:
إفلاس الغرب:
أولها ـ إفلاس الأصول الاجتماعية التي قامت عليها حضارة الأمم الغربية فحياة الغرب التي قامت على العلم المادي والمعرفة الأولية والكشف والاختراع وإغراق أسواق العالم بمنتجات العقول والآلات لم تستطع أن تقدم للنفس الإنسانية خيطا من النور ، أو بصيصا من الأمل أو شعاعا من الإيمان . ولم ترسم للأرواح القلقة أي سبيل للراحة والاطمئنان ، وليس الإنسان آلة من الآلات , ولهذا كان طبيعيا أن يتبرم بهذه الأوضاع المادية البحتة وأن يحاول الترفيه عن نفسه ، ولم تجد الحياة الغربية المادية ما ترفه به عنه إلا الماديات أيضا من الآثام والشهوات والخمور والنساء والأحفال الصاخبة والمظاهر المغرية التي تلهى بها حينا , ثم ازداد بها بعد ذلك جوعا على جوع وأحس بصرخات روحه تنطلق عالية تحاول تحطيم هذا السجن المادي , والانطلاق في الفضاء واسترواح نسمات الإيمان والعزاء.
كمال الإسلام:
وثانيها ـ وهو العامل الإيجابي في الموضوع ـ اكتشاف المفكرين من رجال الإسلام ما في أصوله وقواعده من سمو ورقي وصلاحية واكتمال , وأنها أكمل وأدق وأفضل وأشمل وأجمع من كل ما كشفت عنه الفلسفات الاجتماعية والعقول المصلحة إلى الآن , وقد كان المسلمون غفلوا عن ذلك حينا من الدهر فلما كشف الله عن بصائر مفكريهم ، وقارنوا ما عندهم من قواعد دينهم الاجتماعية بما يتحدث عنه كبار الاجتماعيين وأساطين وجهابذة المفكرين ، ووجدوا البون شاسعا والفرق بعيدا عن كنوز هذا الميراث الضخم وبين ما يلهو به هؤلاء , لم يملكوا أنفسهم من أن ينصفوا عقولهم وتاريخهم وشعوبهم ، وأن ينادوا بنفاسة هذا الميراث ، وأن يهيبوا بهذه الأمم الغافلة إسلامية وغير إسلامية أن تستفيد من هذا الإرشاد الرباني الكريم وأن تنهج نهج هذا الصراط السوي المستقيم.
طبيعة التطور:
وثالثها ـ طبيعة التطور الاجتماعي بعد حربين طاحنتين اشتركت فيهما دول العالم جميعا ، وتناولت النفوس والأوضاع والشعوب والأفراد ، ونبتت بعدهما طائفة من المبادئ الإصلاحية والنظم الاجتماعية ، وقامت على أساسها دول ونهضت بتطبيقها ، ثم لم يمض كبير وقت حتى تناولتها يد التبديل والتغيير أو الهدم والتدمير ، والمفكرون من المسلمين ينظرون ويرقبون ويوازنون ويرجعون إلى ما بين أيديهم من كتاب ربهم وهو مشرق ، ومن سنة نبيهم وهى بينة ، ومن تاريخهم وهو مجيد ، فلا يرون لنظام من هذه النظم حسنة من الحسنات إلا وجدوا أنها مقررة في نظامهم الإسلامي الاجتماعي , وأنهم سبقوا إليها فتحدثوا عنها أو عملوا بها ، ولا يرون لنظام من هذه النظم سيئة من السيئات إلا وجدوا أن نظامهم الإسلامي الاجتماعي قد حذر منها واحتاط لها ووصف طريق الوقاية من نتائجها وآثارها , سادت العالم حينا من الدهر هذه النظم الديمقراطية وانطلقت الحناجر في كل مكان تسبح وتقدس بما جاء به هذا النظام الديمقراطي من حرية للأفراد وللشعوب على السواء ، ومن إنصاف للعقل الإنساني بحرية التفكير ، وللنفس الإنسانية بحرية العمل والإرادة ، وللشعوب بأن تكون مصدر السلطات ، وجاء النصر في الحرب العالمية الأولى معززا لهذه الأفكار متوجا إياها بإكليل الغار ، ثم لم يلبث الناس أن تبينوا أن حريتها الاجتماعية لم تسلم من الفوضى , وأن حريتها الفردية لم تأخذ الحيطة من الإباحية ، وأن سلطة الشعوب لم تبرئ المجتمع من كثير من الديكتاتوريات المستورة التي تضيع معها التبعات ولا تحدد فيها الاختصاصات ، إلى غير ذلك من المثالب والعيوب التي أدت إلى تفكك الأمم والشعوب , وتخلخل نظام الجماعات والبيوت ومهدت لقيام النظم ا لدكتاتورية.
فقامت النازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا , وأخذ كل من موسوليني وهتلر بيد شعبه إلى الوحدة والنظام والنهوض والقوة والمجد , وسرعان ما خطا هذا النظام بهاتين الأمتين في مدارج الصلاح في الداخل والقوة والهيبة في الخارج , وبعث في النفوس الآمال الخالدة وأحيا الهمم والعزائم الراكدة , وجمع كلمة المختلفين المتفرقين على نظام وإمام ، وأصبح الفوهرر أو الدوتشي إذا تكلم أحدهما أو خطب تفزعت الأفلاك والتفت الدهر.
ثم ماذا ؟.. ثم تكشف الأمر عن أن هذا الجهاز القوي المتماسك الذي فنيت فيه إرادات الأفراد في إرادات الزعماء أخطأ حين أخطئوا ، فطغى بطغيانهم وانحرف بانحرافهم وهوى بسقوطهم , وانتهى كل شيء وأصبح حصيدا كأن لم يغن بالأمس بعد أن بذل العالم في حربه الثانية الملايين من زهرة الشباب والقناطير المقنطرة من الأموال والعتاد.
ولمع نجم الاشتراكية والشيوعية بعد ذلك , وزاد في هذا البريق واللمعان معني الفوز والانتصار ، وتقدمت روسيا السوفيتية إلى الميدان الاجتماعي تبشر بدعوتها , وتدل على الدنيا بنظامها الذي تبدل في ثلاثين عاما عدة مرات ، وأخذت دول الديمقراطيات أو بعبارة أدق دول الاستعمار القديمة البالية أو الجديدة الطامعة تعد العدة لتوقف هذا التيار ، والصراع يقوى ويشتد تارة في العلانية وأخرى في الخفاء ، والدول والأمم والشعوب الحائرة على مفترق الطرق لا تدري أين السبيل ، ومنها أمم الإسلام وشعوب القرآن , والمستقبل في ذلك كله بيد الله والحكم للتاريخ والبقاء للأصلح على كل حال.
هذا التطور الاجتماعي وهذا الصراع العنيف القوي أيقظ همم المفكرين من المسلمين فأخذوا يوازنون
ويقارنون , وانتهوا بعد الموازنة إلى نتيجة صحيحة سليمة هي التخلص من كل هذه الأوضاع ووجوب عودة شعوبهم وأممهم إلى الإسلام.
النظم الثلاثة في الصلاة ؟
قلت ذات مرة مداعبا للسامعين في إحدى المحاضرات ـ وكانت خطوة موفقة كل التوفيق وCool ـ إن هذه الصلاة الإسلامية التي نؤديها في اليوم خمس مرات ليست إلا تدريبا يوميا على نظام اجتماعي عملي , امتزجت فيه محاسن النظام الشيوعي بمحاسن النظام الديمقراطي بمحاسن النظام الدكتاتوري ، فعجبوا وقالوا: كيف كان ذلك؟.. فقلت: أفضل ما في النظام الشيوعي من حسنات تدعيم معنى المساواة والقضاء على الفوارق والطبقات , ومحاربة الاعتزاز بالملكية التي يكون عنها هذا التفاوت .. وهذه المعاني كلها يستحضرها المسلم ويشعر بها تماما , وتتركز في نفسه إذا دخل المسجد لأنه يستشعر لأول دخوله أن هذا المسجد لله ، لا لأحد من خلقه ، وأنه سواء العاكف فيه والباد ، لا صغير فيه ولا كبير ولا أمير ولا حقير ولا فوارق ولا طبقات ، فإذا صاح المؤذن: (قد قامت الصلاة .. قد قامت الصلاة) , استوى هذا الجمع خلف إمامه كالبنيان المرصوص , فلا يركع أحد حتى يركع الإمام ولا يسجد حتى يسجد ولا يأتي بحركة أو سكون إلا تابعا له ومقتديا به ومقلدا إياه ، وهذا هو أفضل ما في النظام الدكتاتوري: الوحدة والنظام في الإرادة والمظهر على السواء ، ولكن هذا الإمام مقيد هو نفسه بتعاليم الصلاة ودستورها ، فإذا انحرف أو أخطأ في تلاوة أو عمل كان للصبي الصغير وللرجل الكبير وللمرأة المصلية خلفه ، كان لكل واحد من هؤلاء الحق كل الحق أن ينبهه إلى خطئه وأن يرده ، إلى الصواب في أثناء الصلاة , وكان على الإمام كائنا من كان أن ينزل على هذا الإرشاد وأن يعدل عن خطئه إلى الحق والصواب ، وليس في الديمقراطية أروع من هذه الحسنات .. فماذا بقى بعد ذلك لهذه النظم من فضل على الإسلام؟! .. وقد جمع محاسنها جميعا واتقى بهذا المزج البديع كل ما فيها من سيئات (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (النساء:82).
لا مبرر للانزعاج:
والغربيون كما قلت ـ ومعهم الذين لا يعلمون ـ ينزعجون أشد الانزعاج لهذا الاتجاه ويرونه من الخطورة بحيث تجب عليهم محاربته بكل سبيل , لأنه ليس أكثر في عرفهم من انتصار للمبادئ الرجعية , وتجميع للأمم الهمجية حولها ضد مبادئ الحضارة والمدنية وشعوب العلم والعرفان والنظام. وهذا وهم عريق في الخطأ , وظلم صارخ للحقائق الواضحة وضوح الشمس في وضح النهار , ومهمتنا في هذه الكلمات أن نصل معهم إلى أمرين:
أولهما: إثبات سمو أصول النظام الاجتماعي الإسلامي وفضلها على كل ما عرف الناس تلك الأصول التي منها:
ا - الإخاء الإنساني ـ والقضاء على روح الكراهية والتعصب.
2 - السلام ـ وخطأ الذين لا يعلمون في فهم مشروعية الجهاد.
3 – الحرية ـ وخطأ الذين يتهمون الإسلام بإباحة الرق ومصادرة الحريات.
4 - العدل الاجتماعي ـ وفيه بيان رأي الإسلام في نظام الحكم والطبقات.
5 - الحياة الطيبة ـ وفيه بيان الخطأ في فهم حقيقة الزهد.
6 – الأسرة ـ وفيه الكلام على حقوق المرأة والتعدد والطلاق.
7 - العمل والكسب ـ وفيه الكلام على أنواع الكسب والخطأ في فهم التوكل.
8 - العلم ـ وفيه خطأ من يتهمون النظام الإسلامي بتشجيع الجهالة والخمول.
9 - النظام وتقدير الواجب ـ وفيه خطأ من يظنون في طبيعة الإسلام النقص والإهمال.
10 - التديّن ـ وفيه حقيقة الإيمان بالله والفضيلة والجزاء.
وثانيهما: إثبات أن من الخير للإنسانية كلها أن يتجه المسلمون إلى العودة لدينهم وأن ذلك سيكون أكبر دعائم السلام على الأرض , وأن الدافع في ذلك ليس التعصب الأعمى ولكن الاقتناع التام بفضل ما جاء به الإسلام وانطباقه تمام الانطباق على أرقى ما كشف عنه التفكير العقلي السليم من قواعد الاجتماع الصالحة , ودعائم نظمه القوية الثابتة.
(وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ)
احمد ماهر محمد- عدد المساهمات : 20
تاريخ التسجيل : 19/04/2011
رد: الاخوان........تحت المجهر؟؟؟
منك لله حبة حبة علشان نقرأ مين اللى هيقرأ دا كله خليها حلقات نص اسبوعيه علشان التعليقات تاخذ حقها
صلاح محمد حسانين- عدد المساهمات : 45
تاريخ التسجيل : 05/04/2011
رد: الاخوان........تحت المجهر؟؟؟
لماذا يخاف الناس من الإسلام مع أنه دين السلم و السلام
و لكن علينا أن نعمل به فالمسلم من سلم الناس من لسانه و يده
لو فهم كل إنسان معنى هذا الحديث لاستراح الناس جميعاً
و إنا لله و إنا إليه راجعون
فيجب أن نعود نحن إلى الإسلام أولاً حتى لا نكون صورة سيئة للإسلام في عيون الغرب
و لكن علينا أن نعمل به فالمسلم من سلم الناس من لسانه و يده
لو فهم كل إنسان معنى هذا الحديث لاستراح الناس جميعاً
و إنا لله و إنا إليه راجعون
فيجب أن نعود نحن إلى الإسلام أولاً حتى لا نكون صورة سيئة للإسلام في عيون الغرب
محمد سيد عودة العزامي- مشرف
- عدد المساهمات : 76
تاريخ التسجيل : 29/04/2011
مواضيع مماثلة
» رسالة المرشد العام .......الاخوان
» صبحي صالح نموذج من الاخوان
» الاخوان بين الإنفتاح السياسى والالتزام السلفى
» الاخوان المسلمون يطالبون أمريكا الان بالرحيل عن العراق وأفغانستان
» صبحي صالح نموذج من الاخوان
» الاخوان بين الإنفتاح السياسى والالتزام السلفى
» الاخوان المسلمون يطالبون أمريكا الان بالرحيل عن العراق وأفغانستان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى